ثم قال الله تعالى ﴿وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾ وذلك أنه إذا كان الدين كله لله حصل الإيمان والطاعة لكل ما أنزله وأرسل به رسله وهذا يجمع كل حق ويجمع عليه كل حق
وإذا لم يكن كذلك فلا بد أن يكون لكل قول ما يمتازون به مثل معظم مطاع أو معبود لم يأمر الله بعبادته وطاعته ومثل قول ودين ابتدعوه لم يأذن الله به ولم يشرعه فيكون كل من الفريقين مشركا من هذا الوجه
وأيضا ففي قلوب بني آدم محبة وإرادة لما يتألهونه ويعبدونه وذلك هو قوام قلوبهم وصلاح نفوسهم كما أن فيهم محبة وإرادة لما يطعمونه وينكحونه وبذلك تصلح حياتهم ويدوم شملهم وحاجتهم إلى التأله أعظم من حاجتهم إلى الغذاء فإن الغذاء إذا فقد يفسد الجسم وبفقد التأله تفسد النفس ولن يصلحهم إلا تأله الله وعبادته وحده لا شريك له وهي الفطرة التي فطروا عليها كما قال النبي ﷺ في الحديث المتفق عليه: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه".
وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار عن النبي ﷺ فيما يروي عن ربه أنه قال: "إنني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا".
لكن أكثر الشرك في بني آدم بإيجاد إله آخر مع الله ودان بذلك كثير منهم في أنواع كثيرة
1 / 44