المعاصرين الشيخ أحمد شاكر. وهذا الرأي لا يتعارض مع تخصيص بعض الصحابة مثل عبد الله بن عمرو بالإذن في وقت النهي العام لأن إبطال المنسوخ بالناسبخ لا علاقة له ولا تأثير في تخصيص بعض أفراد العام قبل نسخه (١).
وفي رأس القرن الثاني نشطت حركة تدوين الحديث بعناية الخليفة العادل عمر ابن عبد العزيز؛ فقد كتب إلى أبي بكر بن حزم: (انظر ما كان من حديث رسول الله، ﷺ، فاكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ولا تقبل إلا حديث النبي، ﷺ، ولتفشوا العلم ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرًا) (٢).
وكان محمَّد بن شهاب الزهري، أحد أئمة العصر، استجاب لطلب عمر بن عبد العزيز، وكان شغوفًا بجمع الحديث والسيرة، بجمع حديث المدينة وقدّمه إلى عمر ابن عبد العزيز الذي بعث إلى كل أرض دفترًا من دفاتره (٣).
وبذلك مهّد الطريق لمن بعده من العلماء المصنفين في القرن الثاني الهجري حيث نشطت حركة تدوين الحديث، ودأب العلماء على ذلك، وكان لفشو الوضع في الحديث أثر في تأكيدهم على التدوين حفظًا للسنّة ومنعًا للتلاعب بها (٤).
وشاع التدوين في الطبقة التي تلي الزهري.
وممن اشتهر بوضع المصنفات: عبد الملك بن جريج (ت ١٥٠) بمكة، ومحمد ابن إسحاق (ت ١٥١) بالمدينة، ومالك بن أنس (ت ١٧٩) بالمدينة، وسفيان الثوري (ت ١٦١) بالكوفة، والربيع بن صبيح (ت ١٩٠) وسعيد بن أبي عروبة (ت ١٥٦) وحماد ابن سلمة (ت ١٧٦) بالبصرة، والأوزاعي (ت ١٥٨) والليث بن سعد (ت ١٧٥) بمصر، وعبد الله بن المبارك بخراسان وغيرهم (٥).
وقد ألّفتْ الكتب على أغراض مختلفة منها على المصنفات كمصنف ابن أبي شيبة (ت ٢٣٥)، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت ٢١١ هـ).
_________
(١) بحوث في تاريخ السنة المشرّفة ص٢٢٠ - ٢٢١، وانظر مختلف الحديث لابن قتيبة ص ٣٦٥. والباعث الحثيث ص ١٣٣.
(٢) البخاري في كتاب العلم باب كيف يقبض العلم ١/ ٣٦.
(٣) جامع بيان العلم وفضله ١/ ٧٦.
(٤) بحوث في تاريخ السنة ص ٢٢٧.
(٥) انظر بحوث في تاريخ السنة ص ٢٢٨.
1 / 9