Близкие фетвы Ибн Таймии
تقريب فتاوى ابن تيمية
Издатель
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Издание
الأولى
Год публикации
١٤٤١ هـ
Место издания
السعودية
Жанры
فَأَجَابَ: إنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِن وَاسِطَةٍ تُبَلِّغُنَا أَمْرَ اللهِ: فَهَذَا حَقّ؛ فَإِنَّ الْخَلْقَ لَا يَعْلَمُونَ مَا يُحِبُّهُ اللهُ ويرْضَاة، وَمَا أَمَرَ بِهِ وَمَا نَهَى عَنْهُ، وَمَا أَعَدَّهُ لِأَوْليَائِهِ مِن كَرَامَتِهِ، وَمَا وَعَدَ بِهِ أَعْدَاءَهُ مِن عَذَابِهِ، وَلَا يَعْرِفُونَ مَا يَسْتَحِقُّهُ اللهُ تَعَالَى مِن أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا الَّتِي تَعْجِزُ الْعُقُولُ عَن مَعْرِفَتِهَا وَأَمْثَالِ ذَلِكَ إلَّا بِالرُّسُلِ الَذِينَ أَرْسَلَهُم اللهُ إلَى عِبَادِهِ.
وإِن أَرَادَ بِالْوَاسِطَةِ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِن وَاسِطَةٍ فِي جَلْبِ الْمَنَافِعِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ؛ مِثْل: أَنْ يَكُونَ وَاسِطَةً فِي رِزْقِ الْعِبَادِ وَنَصْرِهِمْ وَهُدَاهُمْ، يَسْأَلُونَهُ ذَلِكَ ويرْجُونَ إلَيْهِ فِيهِ: فَهَذَا مِن أَعْظَمِ الشِّرْكِ الَّذِي كَفَّرَ اللهُ بِهِ الْمُشْرِكِينَ؛ حَيْثُ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهُ أَوْليَاءَ وَشُفَعَاءَ، يَجْتَلِبُونَ بِهِم الْمَنَافِعَ ويجْتَنِبُونَ الْمَضارَّ.
فَمَن جَعَلَ الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَسَائِطَ يَدْعُوهُم ويتَوَكَلُ عَلَيْهِم ويسْأَلُهُم جَلْبَ الْمَنَافِعِ وَدَفْعَ الْمَضَارِّ؛ مِثْل أَنْ يَسْأَلَهُم غُفْرَانَ الذنْبِ وَهِدَايَةَ الْقُلُوبِ وَتَفْرِيجَ الْكُرُوبِ وَسَدَّ الفاقات: فَهُوَ كَافِرٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَد قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨)﴾ [يونس: ١٨]
وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ.
وَمَن سِوَى الْأَنْبِيَاءِ -مِن مَشَايخِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ- فَمَن أَثْبَتَهُم وَسَائِطَ بَيْنَ الرَّسُولِ وَأُمَّتِهِ يُبَلِّغُونَهُم وَيُعَلِّمُونَهُم وُيؤَدّبُونَهُم وَيَقْتَدُونَ بِهِمْ: فَقَد أَصَابَ فِي ذَلِكَ.
وَهَؤُلَاءِ إذَا أَجْمَعُوا فَإِجْمَاعُهُم حُجَّة قَاطِعَةٌ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَإِن تَنَازَعُوا فِي شَيءٍ رَدُّوهُ إلَى اللهِ وَالرَّسُولِ؛ إذ الْوَاحِدُ مِنْهُم لَيْسَ بِمَعْصُوم عَلَى الْإِطْلَاقِ.
وإِن أَثْبَتَهُم وَسَائِطَ بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ -كَالْحُجَّابِ الَّذِينَ بَيْنَ الْمَلِكِ
1 / 130