Близкие фетвы Ибн Таймии
تقريب فتاوى ابن تيمية
Издатель
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٤١ هـ
Место издания
السعودية
Жанры
١٨٢ - الشَّفَاعَةُ الْمَنْفِيَّةُ: هِيَ الشَّفَاعَةُ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَ النَّاسِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَهِيَ أَنْ يَشْفَعَ الشَّفِيعُ إلَى غَيْرِهِ ابْتِدَاءً فَيَقْبَلُ شَفَاعَتَهُ، فَاَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي أَنْ يَشْفَعَ فَشَفَعَ: لَمْ يَكُن مُسْتَقِلُّا بِالشَّفَاعَةِ؛ بَل يَكُونُ مُطِيعًا لَهُ؛ أَيْ: تَابِعًا لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ، وَتَكُونُ شَفَاعَتُهُ مَقْبُولَةً، ويكُونُ الْأَمْرُ كلُّهُ لِلْآمِرِ الْمَسْؤُولِ.
وَاَلَذِي يُبَيِّنُ أَنَّ هَذِهِ هِيَ الشَّفَاعَةُ الْمَنْفِيَّةُ أَنَّهُ قَالَ: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ﴾ [السجدة: ٤] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُم مِن دُونِ اللهِ وَلي وَلَا شَفِيعٌ. وَأَمَّا نَفْيُ الشَّفَاعَةِ بِدُونِ إذْنِهِ: فَإِنَّ الشَّفَاعَةَ إذَا كَانَت بِإِذْنِهِ لَمْ تَكُنْ مِن دُونَهِ. [١/ ١١٨]
١٨٣ - ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ الْمُسْتَفِيضَةِ بَلْ الْمُتَوَاتِرَةِ وَاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ: أَنَّ نَبِيَّنَا ﷺ الشَّافِعُ الْمُشَفَّعُ، وَأَنَّهُ يُشَفَّغ فِي الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَّ النَّاسَ يَسْتَشْفِعُونَ بِهِ يَطْلُبُونَ مِنْهُ أَنْ يَشْفَعَ لَهُمْ إلَى رَبّهِمْ، وَأَنَّهُ يَشْفَعُ لَهُمْ.
ثُمَّ اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّهُ يَشْفَعُ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ وَأَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ أَحَدٌ.
وَأَمَّا الْخَوَارج وَالْمُعْتَزِلَةُ فَأَنْكَرُوا شَفَاعَتَهُ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ، وَلَمْ يُنْكرُوا شَفَاعَتَهُ لِلْمُؤمِنِينَ، وَهَؤُلَاءِ مُبْتَدِعَة ضُلَّالٌ، وَفي تَكْفِيرِهِمْ نِزَاعٌ وَتَفْصِيلٌ.
وَأَمَّا مَنْ أَنْكَرَ مَا ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ وَالْإِجْمَاعِ: فَهُوَ كَافِرٌ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ (^١)، وَسَوَاءٌ سَمَّى هَذَا الْمَعْنَى اسْتِغَاثَة أَوْ لَمْ يُسَمِّهِ.
(^١) ولا يلزم فهم الحجة، فهمًا لا شبهة عنده معها، فمن حين ما تبلغ الحجة والدعوة الصحيحة البينة بلغته التي يتكلم بها: فقد قامت الحجة عليه، وليس من شرط قيام الحجة أن يفهمها الفهم الجليّ، بل من حين ما تبلغه الحجة وجب عليه السعي إلى فهمها والنظر فيها من المصادر الصحيحة.
وقد نقل غير واحد الإجماع على أن بلغه القرآن ودعوة الرسول ﷺ فقد قامت عليه الحجة، قال الله تعالى: ﴿لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩]، وقال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥].
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب ﵀: فإنَّ أكثر الكفار والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع =
1 / 128