الثالثة قلت له: يا أبت، أي شيءٍ هذا قد لهجتَ به في هذا الوقت؟ تغرق حتى نقولَ قد قضيتَ، ثم تعود فتقول: (لا، بعد)، فقال: يابنيّ ما تدري؟ فقلت: لا، فقال: إبليس لعنه الله قائم حذائي عاضّ على أنامله، يقول لي: يا أحمد فُتَّنِي - أي: تركتني؟! - وأنا أقول له: لا، بعد حتى أموت. وقال صالح بن أحمد: جعل أبي يحرك لسانه إلى أن توفي (١) .
هذا، ومما يشرع في التحصين بذكر الله تعالى تحصينُ الولد والأهل والمال والبيت، ومن ذلك، ما كان النبي ﷺ يعوّذ به الحسن والحسين ﵄، ويقول: إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ - عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ -: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ (٢) . ومن تحصين الأهل والولد معًا ما يدعو به المؤمن عند إتيان أهله (زوجه)، كما أرشد إليه النبي ﷺ بقوله: لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتى أَهْلَهُ قَالَ: بِسْمِ اللهِ، اللهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا، [وَلَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِ] (٣) . ومما يحصَّن به المولود أيضًا التأذين في أُذنه حين الولادة، كما: أَذَّنَ
(١) انظر: أحمد بن حنبل إمام أهل السنة، لعبد الغني الدقر، ص٢٩٨.
(٢) أخرجه البخاري؛ كتاب: أحاديث الأنبياء ﵈، بابٌ بعد بابِ [الصَّافات: ٩٤] ﴿يَزِفُّونَ *﴾: النَّسَلان في المشي، برقم (٣٣٧١)، عن عبد الله بن عباس ﵄. ... و«هامّة»، بالتشديد - كما في الرواية -: هي واحدة الهوام، وهي ذات السموم، وقيل: دواب الأرض التي تهمّ بأذى الناس، وهذا مما لا يصح نفيه إلا إن أُريد به أنها لا تضر بذواتها، وإنما تضر إذا أراد الله إيقاع الضرر بمن أصابته، انظر: فتح الباري: (١٠/٢٤١) .
(٣) متفق عليه، من حديث عبد الله بن العباس ﵄؛ أخرجه البخاري؛ كتاب: الوضوء، باب: التسمية على كل حال وعند الوِقاع، برقم (١٤١)، وفي مواضع عدة من صحيحه. ومسلم؛ كتاب: النكاح، باب: ما يستحب أن يقوله عند الجِماع، برقم (١٤٣٤)، وما بين معقوفين زيادة عند البخاري ﵀.
1 / 140