235

Proselytizing through Interactive Internet Services

التنصير عبر الخدمات التفاعلية لشبكة المعلومات العالمية

Жанры

عمران التي فضحت منهج الذين في قلوبهم زيغ؛ حين يتركون المحكم ويأخذون المتشابه ابتغاءَ الفتنةِ وابتغاءَ تأويله.
فأمّا المحكم هنا فمثل قوله تعالى: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ (١).
وفي الحديث المتفق عليه أنَّ ابن عباس ﵁ قال في تفسير هذه الآيات: "كان النَّبِيُّ ﷺ يعالج من التنزيل شدة، وكان يحرك شفتيه .. فأنزل الله ﷿: ﴿لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ
لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾، قال: "جمعه في صدرك ثم تقرؤه"، ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ قال: "فاستمع له وأنصت، ثم إنَّ علينا أن تقرأه"، قال: "فكان رسول الله ﷺ إذا أتاه جبريل ﵇ استمع، فإذا انطلق جبريل قرأه النبي ﷺ كما أقْرَأَه" (٢).
ومن المحكم قوله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (٣).
قال ابن كثير في تفسيرها: «ثُمَّ قَرَّرَ تعالى أنَّه هو الذي أنزل الذِّكر، وهو القرآن، وهو الحافظ له من التّغيير والتّبديل. ومنهم من أعاد الضّمير في قوله تعالى: ﴿لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ على النبي ﷺ، كقوله: ﴿وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾، والمعنى الأول أولى، وهو ظاهر السياق» (٤).
وقال صاحب أضواء البيان: «بَيَّنَ تعالى في هذه الآية الكريمة أنَّه هو الذي نزَّل القرآن العظيم، وأنَّه حافظٌ له من أن يُزاد فيه أو يُنقص أو يَتغير منه شيء أو يُبدَّل، وبيَّن هذا المعنى في مواضعَ أخرَ كقولِه: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ

(١) سورة القيامة، الآيات ١٦ - ١٩.
(٢) رواه البخاري في صحيحه، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى (لا تحرك به لسانك) وفعل النبي ﷺ حين ينزل عليه الوحي، ح٧٥٢٤، ص١٨٥٩. ورواه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب الاستماع للقراءة، ح٤٤٨، ١/ ٢٠٨.
(٣) سورة الحجر، الآية ٩.
(٤) انظر: تفسير ابن كثير ٤/ ٥٢٧.

1 / 235