وعن جندب بن عبد الله ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ) (١). فهذان الحديثان -على ما فيهما- أحسن ما ورد في الباب، وجاء فيه أشياء ساقطة غير هذين. وقد عقب الإمام الترمذي ﵀ على حديث جندب ﵁ فقال: "وهكذا روي عن بعض أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم أنهم شددوا في هذا، في أن يفسر القرآن بغير علم. وأما الذي روي عن مجاهد وقتادة وغيرهما من أهل العلم أنهم فسروا القرآن، فليس الظن بهم أنهم قالوا في القرآن أو فسروه بغير علم، أو من قبل أنفسهم، وقد روي عنهم ما يدل على ما قلنا أنهم لم يقولوا من قبل أنفسهم بغير علم" (٢). وقال الطبري معقبا على الحديث الأول: "وهذه الأخبار شاهدةٌ لنا على صحة ما قُلنا؛ من أنّ ما كان من تأويل آيِ القرآن الذي لا يُدرَك علمه إلا بنَصِّ بيان رسول الله ﷺ،

(١) أخرجه أبو داود (٣٦٥٢) في العلم: باب الكلام في كلام الله ﷿ بغير علم، والترمذي رقم (٢٩٥٢) في التفسير: باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه، والنسائي في الكبرى رقم (٨٠٣٢) في فضائل القرآن: باب من قال في القرآن بغير علم، وأبو يعلى في مسنده ٣: ٩٠ رقم (١٥٢٠)، والطبري في تفسيره ١: ٧٣، والطبراني في (المعجم الكبير) ٢: ١٦٣ رقم (١٦٧٢)، وفي الأوسط المعجم الأوسط ٥: ٢٠٨ رقم (٥١٠١)، وابن عدي في (الكامل) ٣: ٤٥٠، والبيهقي في (شعب الإيمان) ٢: ٤٢٣، والبغوي في (شرح السنة) ١: ٢٥٨ رقم (١٢٠)، وغيرهم من طريق سهيل بن أبى حزم، عن أبي عمران الجوني، عن جندب ﵁. وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وقد تكلم بعض أهل الحديث في سهيل بن أبي حزم. وسهيل؛ قال عنه البخاري: منكر الحديث. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، يكتب حديثه، ولا يحتج به. وفي التقريب: ضعيف. ينظر: (الضعفاء الصغير) للبخاري ص ٥٨، الجرح والتعديل ٤: ٢٤٧، تهذيب الكمال ١٢: ٢١٧، التقريب ص ٢٥٩. ولم أجد من تابعه عليه، فالسند ضعيف. (٢) جامع الترمذي ٥: ٢٠٠.