أهل الفترة ومن في حكمهم
أهل الفترة ومن في حكمهم
Издатель
مؤسسة علوم القرآن - عجمان،دار ابن كثير
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٠٩ هـ - ١٩٨٨ م
Место издания
دمشق - بيروت
Жанры
اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الجاثية: ٢٣].
ترى هذا البعض يقول بكل صلف وغرور أنه يستطيع بعقله أن يهديَ نفسه إلى الخير، ولا حاجة إذن للرسل ليعرِّفوه الطريق لأنه بعقله وفكره يستطيع أن يصل إلى الخير.
لكن هذا البعض نسي أن هذا العقل الذي احتج به وارتكن إليه لا يكفي وحده للهداية، لأن دوره في الحياة محدود بالتأمل والتفكر في الوجود من حوله. فلابد له من التلقي عن وحي الله ومن خلال الشرائع التي أنزلها الله ﷾، وإن لم يفعل ذلك فهو الغرور والضلال، وهذا ما حكاه القرآن الكريم على لسان قارون بعد أن طغى واستكبر وكفر بنعم الله قال تعالى: ﴿قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ﴾ [القصص: ٧٨].
وقال تعالى حكاية عن فرعون حين طُمست بصيرتُه ﴿يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ [القصص: ٣٨].
والله ﷾ يحذِّر من اغترار الإِنسان بنفسه وكبريائه، فإنه جلّ وعلا يذكِّره بنعمه وما امتنّ به عليه مخاطبًا إياه ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (٥٩) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦١) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الواقعة: ٥٨ - ٦٢] وبقوله تعالى: ﴿مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ﴾ [الذاريات: ٥٧] فالله ﷾ هو الغني عن عباده، والعباد كلهم بحاجة إليه قال تعالى: ﴿يا أيُّها
1 / 27