2
ومن أجلها اتخذ الإله صورة بجعة. وقد فهم مينوس طمعي في أن ألد له وارثا من أبناء الآلهة. ولكن كيف السبيل إلى أن نميز ما يبقى من الحيوان فيما يلقي الآلهة أنفسهم في الأرحام؟ وإذا كان قد كتب علي أن أندم على خطئي - وأنا أشعر بأن تحدثي إليك على هذا النحو يسلب الأمر كل عظمته - فإني أؤكد لك أي ثيسيوس أن الأمر كان إلهيا حقا في اللحظة نفسها. فقد ينبغي أن تعلم أن ثوري لم يكن حيوانا عاديا. كان بوسيدون قد قدمه إلينا، كان يجب أن نرده إليه قربانا، ولكن مينوس رآه أجمل وأروع من أن يضحي به. وهذا هو الذي حملني فيما بعد على أن أفسر زلتي بأنها كانت انتقاما من الإله. وأنت لا تجهل أن حماتي أوروب
3
قد اختطفها ثور تقمصه ذوس، ومن زواجها بهذا الثور ولد مينوس نفسه. وهذا هو الذي حمل أسرته على أن تعظم أمر الثيرة. فلما ولد المينوتور ورأيت الملك يقطب حاجبيه لم يكن لي إلا أن أقول له: وأمك ما خطبها؟ وكان من الحق عليه أن يفهم أن من الممكن أن أكون قد أخطأت، وهو رجل حكيم، وهو يعتقد أن ذوس قد ولاه مع أخيه رادامانت القضاء في دار الموتى. وهو يرى أن من الحق أن يفهم الإنسان قبل أن يقضي ويقدر أنه لن يكون قاضيا عدلا إلا بعد أن يمتحن في نفسه أو في أسرته بكل ألوان المحن. وفي هذا تشجيع عظيم لذوي قرابته، فأبناؤه وأنا - على ما يكون بيننا من اختلاف الأمزجة والأهواء - نعمل بأغلاطنا الخاصة لنحسن إعداده لمنصبه المنتظر، والمينوتور نفسه يشارك في ذلك عن غير علم. ومن أجل ذلك أطلب إليك يا ثيسيوس، بل أتوسل إليك لا في ألا تسوءه، بل في أن تصالحه وتتفق معه على نحو يمحو الخصومة بين اليونان وأقريطش، ويزيل آثارها المنكرة بين البلدين.
كذلك كانت تتحدث معملة يدها في إلحاح من دون صدارتي حتى ضقت بذلك أشد الضيق؛ فقد كنت متأثرا ببخار النبيذ وبهذا العطر الأرج الذي كان يفلت مع ثدييها من قرطقها المفتوح. قالت: لنعد إلى الأمر الإلهي؛ فقد يجب دائما أن نعود إليه ، وكيف لا تشعر يا ثيسيوس بأن إلها قد تقمصك؟ ...
وكان مما يزيد نفسي ضيقا أن أريان ذات الجمال الرائع الفاتن - وإن كنت أوثر أختها الصغرى - كانت قد واعدتني باللحظ واللفظ على أن نلتقي في الحديقة بعد أن أفيق.
الفصل السادس
أي حديقة! ولأي قصر! يا لها جنة مشوقة قد تعلقت بانتظار شيء لا أدري ما هو ... تحت ضوء القمر.
كان ذلك في شهر مارس، وكان الربيع قد أخذ يخفق في دفء حلو. ولم أكد ألقى الهواء الطلق حتى انجلى عني كل ضيق. فلست آلف الحياة في أعماق الدور، وإنما أوثر أن أتنفس ملء رئتي. وقد أسرعت إلي أريان ثم ألصقت في لهفة وعنف شفتيها إلى شفتي حتى كدنا نسقط جميعا. قالت: هلم. لا علي أن يرانا الراءون، ولكن ظل الضرم أوفق للحديث.
ثم هبطت بي درجات، وقادتني إلى مكان من الحديقة يشتد فيه التفاف الشجر حتى يخفى القمر دون أن يخفى انعكاس ضوئه على البحر، وكانت قد استبدلت من ثوبها النصفي ذي الأطواق، ومن منطقتها الصلبة ثوبا واسعا فضفاضا كانت تحس من دونه عارية. قالت: أكاد أعرف ما تحدثت إليك به أمي. إنها مجنونة؛ مجنونة تستحق القيد، وما ينبغي أن تحفل بما تقول؛ فاعلم أولا أنك معرض هنا لخطر عظيم. فأنا أعلم أنك أقبلت لتصارع المينتور أخي لأمي، وإنما أريد منفعتك؛ فأحسن الإصغاء إلي. وأنا واثقة بأنك ستظهر عليه.
Неизвестная страница