============================================================
ومنه : إسقاط الإثم عن المجتهدين في الخطأ والتيسير عليهم بالاكتفاء بالظين ولو كلفوا الأخذ باليقين لشق وعسر الوصول إليه ، ووسع أبو حنيفة رحمه الله في باب القضاء والشهادات تيسيرا؛ فصحح تولية الفاسق، وقال : إن فسقه لا يعزله وإنما يستحقه ، ولم يوجب تزكية الشهود حملاء لحال المسلمين على الصلاح، ولم يقبل الجرح المجرد في الشاهد ووسع أبو يوسف رحمه الله في القضاء والوقف، والفتوى على قوله فيما يتعلق بهما وجوز للقاضي تلقين الشاهد، وجوز كتاب القاضي إلى القاضي من غير سفر، ولم يشترط فيه شينا مما شرطه الإمام، وصحح الوقف على النفس وعلى جهة تنقطع ، ووقف المشاع ولم يشترط التسليم إلى المتولي ولا حكم القاضي، وجوز استبداله عند الحاجة إليه بلا شرط، وجوزه مع الشرط ترغيبا في الوقف وتيسيرأ على المسلمين * فقد بان بهذا أن هذه القاعدة يرجع إليها غالب أبواب الفقه السبب السابع : النقض، فإنه نوع من المشيقة فناسب التخفيف فمن ذلك عدم تكليف الصبي والمجنون ففوض أمر أموالهما إلى الولي، وتربيته وحضاتته إلى النساء رحمة عليه ولم يجبرهن على الحضانة تيسيرأ عليهن، وعدم تكليف النساء بكثير مما وجب على الرجال ؛ كالجماعة والجمعة والجهاد والجزية وتحمل العقل على قول، والصحيح خلافه، وإباحة لبس الحرير وحلي الذهب، وعدم تكليف الأرقاء بكثير مما وجب على الأحرار لكونه على النصف من الحر في الحدود والعدة مما سيأتي في أحكام العبيد.
وهذه فوائد مهمة نختم بها الكلام على هذه القاعدة الفائدة الأولى : المشاق على قسمين : مشقة لا تنفك عنها العبادة غالبا ؛ كمشقة البرد في الوضوء والغسل، ومشقة الصوم في شدة الحر وطول النهار، ومشقة السفر التي لا انفكاك للحج والجهاد عنها ، ومشيقة ألم الحد ورجم الزناة وقتل الجناة وقتال البغاة، فلا أثر لها في إسقاط العبادات في كل الأوقات * وأما جواز التيمم للخوف من شدة البرد للجنابة فالمراد من الخوف : الخوف من الاغتسال على
Страница 144