وقال ابن مسعود ﵁: الغناء يُنبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل (١). وقد روي عنه مرفوعًا، خرّجه ابو داود (٢) في بعض نسخ "السنن" وخرّجه ابن أبي الدُّنْيَا والبيهقي وغيرهما، وفي إسناد المرفوع من لا يُعرف والموقوف أشبه. وأما تحريم آلات الملاهي، فقد تقدم عن مجاهد أنه أدلخها في صوت الشيطان المذكور في قول الله تعالى: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ﴾ (٣) وتقدم أيضًا حديث أبي أمامة في ذلك.
وقال البخاري في "صحيحه" (٤): وقال هشام بن عمار ثنا صدقة بن خالد، ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، ثنا عطية بن قيس، حدثني عبد الرحمن بن غنم الأشعري، حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري -والله ما كذبني- سمع النبي ﷺ يقول: "لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ تَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ الفَقِيرَ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُوا: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ وَيَضَعُ العَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ".
هكذا ذكره البخاري في كتابه بصيغة التعليق المجزوم به، والأقرب أنه مُسند؛ فإن هشام بن عمار أحد شيوخ البخاري. وقد قيل: إِنَّ البخاري إذا قال في "صحيحه": قال فلان ولم يصرح بروايته عنه، وكان قد سمع منه، فإنه يكون قد أخذه عنه عرضًا أو مناولة أو مذاكرة. وهذا كله لا يخرجه عن أن يكون مُسندًا، والله أعلم.
وخرجه البيهقي (٥) من طريق الحسن بن سفيان، ثنا هشام بن عمار، فذكره فالحديث صحيح محفوظ عن هشام بن عمار.
_________
(١) أخرجه ابن أبي الدُّنْيَا في "ذم الملاهي" (١٥٦)، والبيهقي في "السنن الكبير" (١٠/ ٢٢٣) وضعفه الشيخ الجديع في أحاديث "ذم الغناء والمعازف في الميزان" (ص ٥٧).
(٢) في "السنن" برقم (٤٩٢٧).
(٣) الإسراء: ٦٤.
(٤) برقم (٥٥٩٠).
(٥) في "السنن الكبير" (١٠/ ٢٢١).
2 / 449