سفيان الثوري رأسًا في الحديث، وأبو حنيفة رأسًا في القياس، والكسائي رأسًا في القرآن؛ فلم يبق الآن رأس في فن من الفنون أكبر من ابن الأعرابي؛ فإنه رأس في كلام العرب.
ويحكى أنه اجتمع أبو عبد بن الأعرابي وأبو زياد الكلابي على الجسر ببغداد، فسأل أبو زياد ابن الأعرابي، عن قول النابغة: "على ظهر مبناة" فقال: "النطع" بفتح النون وسكون الطاء، فقال: لا أعرفه؛ النطع بكسر النون وفتح الطاء. فقال أبو زياد: نعم. وإنما أنكر أبو زياد النطع بفتح النون وسكون الطاء؛ لأنها لم تكن من لغته. وفي النطع أربع لغات ذكرناها في موضعها.
وحكى عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، قال: اجتمع عندنا أبو نصر أحمد ابن حاتم وابن الأعرابي، فتجاذبا الحديث؛ إلى أن حكى أبو نصر أن أبا الأسود دخل على عبيد الله بن زياد، وعليه ثياب رثة، فكساه ثيابًا جددًا، من غير أن يعرض له بسؤال، فخرج وهو يقول:
كساك ولم تستكسه فحمدته ... أخ لك يعطيك الجزيل، وناصر
وإن أحق الناس إن كنت مادحًا ... بمدحك من أعطاك والعرض وافر