إن سرت سارت وإن وقفتها وقفت ... صورًا إليك بالحاظٍ تواليها
يُرعن منك إلى وجهٍ يرين له ... جلالةً يكثر التسبيح رائيها
حتى قطعت بها القاطولَ وافترقت ... بالخير في عرصةٍ فسحٍ نواحيها
فنهرُ نيرك وردٌ من مواردها ... وساحةُ التَّل مغنىً من مغانيها
لولا الذي عرفتهُ فيكَ يومئذ ... لما أطاعك وسطَ البيد عاصيها
فضلان حُزتهما دونَ الملوك ولم ... تُظهر بنيلهما كِبرًا ولا تيها
وقال يمدح الفتح بن خاقان ويصف دخوله عليه وسلامه عليه
هَبِ الدارَ ردَّت رجع ما أنت قائلهُ ... وأبدى الجواب الربع عما تسائله
أفي ذاك برءٌ من جوىً ألهب الحشا ... توقدهُ واستغزر الدمع جائلهُ
هو الدمع موقوف على كل دمنة ... تعرج فيه أو خليط تزايله
ترادفهم خفض النعيم ولينهُ ... وجادهمُ طلُّ الربيع ووابله
وإن لم يكن في عاجل الدهر منهم ... نوالٌ وغيثٌ من زمانك آجله
مضى العامُ بالهِجران منهم بالنوى ... فهل مقبلٌ بالوصلِ والقربِ قابلُه
أرجّم في ليلى الظنون وأرتجي ... أواخر حبّ أخلفتني أوابله
وليلةَ هو منَّا على العيس أرسلت ... بطيفِ خيال يُشبه الحق باطله
فلولا بياض الصبح طال تشبثي ... بعطفي غزالٍ بتُّ وهناُ أغازله
وكم من يد لليل عندي حميدةٍ ... وللصبح من خطبٍ تذم غوائله
وقد قلتُ للمعلي إلى المجد طرفه ... دع المجد فالفتح بن خاقان شاغلهُ
سنان أمير المؤمنين وسيفه ... وسيب أمير المؤمنين ونائله
تشبُّ به للناكثينَ حروبه ... ويدنو به للخابطين نوافله
أطلَّ بنعماه فمن ذا يطاوله ... وعمَّ بجدواه فمن ذا يساجله
ضمنت عن الساعين أن يلحقوا به ... إذا ذُكرت آلاؤه وفواضله
أيبلغه بالبذل قومٌ وقد سمعوا ... فما بلغوا بعض الذي هو باذله
رمى كلب الاعداء عن حدِّ نجدةٍ ... بها قطعت تحت العجاج مناصله
وما السيف إلاّ بزُّ غاد لزينةٍ ... إذا لم يكن أمضى من السيف حامله
يُداني بمعروفٍ هو الغيث في الثرى ... توالي نداه واستنارت خمائله
أمنت به الدهر الذي كنت أتقي ... ونلتُ به القدر الذي كنت آمله
ولمَّا حضرنا سدَّة الأذن أخرّت ... رجالٌ عن الباب الذي انا داخله
فأفضيتُ من قربٍ ذي مهابة ... أقابل بدر الافق حين أقابله
إلى مسرفٍ في الجود لو أنَّ حاتمًا ... لديه لأمسى حاتمٌ وهو عاذله
بدا لي محمود السجية شمّرت ... سرابيله عنه وطالت حمائله
كما انتصب الرمحُ الردينيّ ثقفت ... أنابيبه للطعن واهتزّ حامله
وكالبدرِ وافته لتّمٍ سعوده ... فتمَّ سناه واستهلت منازله
فسلمت فاعتاقت جناني هيبةٌ ... تنازعني القول الذي أنا قائله
فلمّا تأملتُ الطلاقة وانثنى ... إليَّ ببشرٍ آنستني مخايله
دنوتُ فقبلت الندى من يد امرئٍ ... جميلٌ محياه سِباطٍ أنامله
وقال يمدحه
ألمت وهل ألمامها لك نافعٌ ... وزارت خيالًا والعيون هواجعُ
بنفسي من تنأى ويدنو أدكارها ... ويبذل عنها طيفها وتمانع
خليليَّ أبلاني هوى متلوّن ... له شيمة تأبى واخرى تطاوع
وحرض شوقي خاطر الريح إذا سرى ... وبرقٌ بدا من جانبٍ والغرب لامع
وما ذاك أن الشوق يدنو بنازحٍ ... ولا أنني في وصل علوة طامع
خلا أن شوقًا ما يغبُّ ولوعةً ... إذا اضطرمت فاضت عليها المدامع
علاقة حبٍّ كنت أكتم بثّها ... إلى أن أذاعتها الدموع الهوامع
إذا العينُ راحت وهي عين على الجوى ... فليس بسرٍ ما تسرُّ الأضالع
فلا تحسبا أني نزعت ولم أكن ... لأنزع عن ألفٍ إليه أنازع
وإن شفاه النفس لو تستطيعه ... حبيب موات أو سباب مراجع
ثني أملي واجتازه عن معاشر ... يبيتون والآمال فيهم مطامع
جناب من الفتح بن خاقان ممرعٌ ... وفضلٌ من الفتح بن خاقان شائعُ
أغرَّ لنا من جوده وسماحهِ ... ظهيرٌ عليه ما يخيبُ وشافع
1 / 26