توفي عنها وله منها ولد اسمه هالة وهو ربيب «١» المصطفى ﵊.
بناء البيت «٢»
ولما بلغت سنه ﵊ خمسا وثلاثين سنة. جاء سيل جارف فصدّع جدران الكعبة بعد توهينها من حريق كان أصابها قبل، فأرادت قريش هدمها ليرفعوها ويسقفوها. فإنها كانت رضيمة «٣» فوق القامة، فاجتمعت قبائلهم لذلك. ولكنهم هابوا هدمها لمكانها في قلوبهم. فقال لهم الوليد بن المغيرة:
أتريدون بهدمها الإصلاح أم الإساءة؟ قالوا: بل الإصلاح، قال: إن الله لا يهلك المصلحين. وشرع يهدم فتبعوه وهدموا حتى وصلوا إلى أساس إسماعيل «٤» .
وهناك وجدوا صحافا نقش فيها كثير من الحكم «٥» على عادة من يضعون أساس بناء شهير ليكون تذكرة للمتأخرين بعمل المتقدّمين. ثم ابتدؤوا في البناء وأعدّوا لذلك نفقة ليس فيها مهر بغيّ ولا بيع ربا «٦»، وجعل الأشراف من قريش يحملون الحجارة على أعناقهم، وكان العباس ورسول الله ﷺ فيمن يحمل، وكان الذي يلي البناء نجار رومي اسمه باقوم «٧»، وقد خصّص لكل ركن جماعة من العظماء ينقلون إليه الحجارة، وقد ضاقت بهم النفقة الطيبة عن إتمامه على قواعد اسماعيل، فأخرجوا منها الحجر «٨»، وبنوا عليه جدارا قصيرا علامة على أنه من
_________
(١) ابن امرأة الرجل من غيره.
(٢) كان بناؤها في الدهر خمس مرّات الأولى: حين بناها شيث بن ادم والثانية: حين بناها ابراهيم على القواعد الأولى. والثالثة: حين بنتها قريش قبل الاسلام. والرابعة: حين احترقت في عهد ابن الزبير. والخامسة: في عهد أبي جعفر المنصور.
(٣) الرضم: أن تنضد الحجارة بعضها على بعض من غير طين.
(٤) في ابن هشام أساس ابراهيم.
(٥) مما وجدوا حجرا مكتوبا فيه «من يزرع خيرا، يحصد غبطة ومن يزرع شرّا يحصد ندامة. تعملون السيئات وتجزون الحسنات. أجل كما لا يجتنى من الشّوك العنب.
(٦) كان محرما عليهم في الجاهلية يعلمون ذلك ببقية من بقايا شرع ابراهيم ﵇ كما بقي عليهم وشيء من أحكام الطلاق والعتق وغير ذلك وفي قوله سبحانه (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) دليل على تقدم التحريم.
(٧) يا قوم وقيل يا قوم أو يا قول.
(٨) قال ﵇ لعائشة لولا حدثان عهد قومك بالجاهلية لهدمتها، وجعلت لها خلفا وألصقت بابها بالأرض، وأدخلت فيها الحجر أو كما قال وردت في معناه أحاديث رواها الشيخان وأحمد وأبو داود والنسائي والترمذي.
1 / 16