( وما الخوف إلا ما تخوفه الفتى ولا الأمن إلا ما يراه الفتى أمنا ) المسألة الثانية : ينبغي للمبتلي أن لا يترك الحزم ويثبت في أمره لأن الدماء أصلها الحرمة ولا تسفك إلا بحجة يعتذر بها عند الله تعالى يوم يقضي في الدماء بين عباده فأن ظهرت إمارة البغي كما ذكرها المنصف فلا بأس عليه بل الواجب على المكلف الدفع عن نفسه ويهلك بالترك لأنه بتركه كالمعين عدوه على قتل نفسه لقوله تعالى قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا فتارك الدفع عن نفسه هالك والعياذ بالله وهذه الإمارات بعضها أقوى من بعض فالإغارة أقواها حجة فمن أغار عليه قوم فليتلقاهم بقلب ثابت غير طايش وليصبر فأن الخير كله الصبر قال علي بن أبي طالب الشجاعة صبر ساعة والرمي بالنبل تمثيل على ما كان عليه الأوايل وأما اليوم فالرمي بالبنادق أشد من الرمي بالنبل لأنها تنوش الخصم من مكان بعيد لا سيما كالبنادق الجديدة اليوم . فأنها لا شك أقوى من النبل الذي كان من السلاح الأوائل فليكن الإنسان على بصيرة من نفسه ويحرز بالأمكنة الساترة عن الرمي ما أمكنه ذلك و إلا فلا بد من التجلد ولقاء الضرب بالنحور من عزائم الأمور ولله قول الشاعر وهو المتنبي حيث يقول :
( محرمة اكفال خيلي على القنا محللة لباتها والقلائد )
فانظر إلى سياسة القرآن بقوله تعالى ومن يولهم يومئذ دبره الآية .
المسألة الثانية : إذا كنت سائر في طريق ورأيت من تخافه أو تخاف منه الخديعة فاعتزل عن الطريق جانبا وخاطب من رأيته بالحجر إلى مكان معلوم كشجرة أو واد أو حصاة أو غيرها من العلامات وأحجر عليه المجاوزة لتلك العلامة وقل له أن جاوزته فقد أبحت دمك أو كلاما غير هذا معناه يفهمه منك فأن كسر الحجر جاز لك رميه وقتاله بعد هذه الحجة والله أعلم .
Страница 67