أحست سهير في عيني راشد الإعجاب، وكانت تعلم أنه لن يقدم على مغازلتها على مرأى من زوجها، فالزوج لماح الذكاء، وراشد يعرف مقدار لماحيته وذكائه. إذن فلتقدم هي.
حين انتهت السهرة، وحان الموعد لراشد أن يترك الزوجين، قام واستأذن وصافح الباشا وصافح سهير، وإذا بشيء أدرك أنه ورقة تتكور في يده، فيطبق عليها يده.
ويقرأ راشد على ضوء سيارته الداخلي: «تعال غدا في الساعة السابعة، الباشا لن يأتي غدا.»
ويضع الورقة في جيبه ولا يتولاه عجب كثير، فقد كان يعلم أنه إذا لم يقم هو بدور العشيق لهذه الزوجة الشابة فسيقوم غيره، ولا بأس أن يخون صديقه الذي ائتمنه على حريمه، فهو خير ألف مرة من غيره، فقد يكون هذا الغير محبا للظهور، وقد يكون شابا فيه رعونة الشباب وزهوه، فيفتضح من أمر الباشا ما ينبغي أن يكون سرا.
فهو إذن يقوم بدور العشيق لزوجة صديقه؛ حماية لعرض هذا الصديق أن تنتاشه ألسنة حداد، وفي ميدان السياسة يباح كل شيء.
ذهب إلى بيته في هذه الليلة، فاستقبله بدوي خادمه الجديد بعد أن أحال خادمه السابق على المعاش. فقد كان عم محمدين، كما كان يسميه، قد بلغ من الكبر عتيا، فطلب إليه أن يظل في البيت يشرف على المأكل والمشرب ويترأس الخدم، دون أن يقوم بأي عمل، وطلب إليه أيضا أن يستقدم خادما له جديدا يقوم على خاصة شأنه، ويتولى شأن ملابسه. فكان بدوي.
خلع راشد حلته وألبسه بدوي الجلباب، واستلقى راشد على سريره. لقد بدأت مغامرة جديدة. لم يكن إلى ذلك الحين قد رأى خديجة، بل إنه لم يرها إلا بعد ذلك بحوالي عامين استمرت فيهما علاقته بسهير، وطبعا لم يعرف الباشا شيئا، فكان كثيرا ما يقضي مع الزوجة وزوجها السهرات. •••
اغتالت البورصة فهمي عبد الحميد، صديق راشد اللصيق وجاره في الأرض الزراعية، وشح المال في يده، وأوشك أن يبيع عزبته المجاورة لأرض راشد الواسعة، فاستدعاه راشد: كم تحتاج؟ - لماذا لا تشتري أنت العزبة؟ - هذا كلام فارغ. - المبلغ كبير. - ولكن البورصة لا تستمر على حال واحدة. - وهي أيضا بلا قلب. - إذا كانت خانتك اليوم وأعطت غيرك، فليس بعيدا أن تخون غيرك في غد وتعطيك. - إذا أعطتني أشتري أرضا أخرى، أو أسترد منك الأرض. - أنا لن أشتري. - ابحث عن مشتر. - وأنت لن تبيع. - غير معقول أن تسلفني مبلغا كبيرا كهذا. - إذا لم أحتمل أضمنك في البنك. - أريد عشرة آلاف جنيه. - عندي. - أبيع العزبة أحسن. - العزبة تساوي أكثر من هذا، خذ.
وأعطاه شيكا بالمبلغ، وكتب فهمي كمبيالة مستحقة الدفع عند الطلب، وضعها راشد في حافظة نقوده. •••
في سهرة عند الباشا أو عند سهير أيهما شئت، قال راشد: معالي الباشا، عندي خبر لا بد أن أقوله. - وهل تحتاج إلى مقدمات؟ - ولعل سهير هانم يهمها أن تعرفه أيضا. - خيرا؟ - ربما أصبح من العسير علي أن أكثر من زيارة معاليك بعد ذلك. - إذن فالخبر هام حقيقة. - أنا أيضا سأتزوج.
Неизвестная страница