والطبراني في "الأوسط" (١) بإسناد صحيح إلى جابر قال: "نهي رسول الله ﵇ أن يبال في الماء الجاري فإذا كان البول في الجاري منهيّا عنه ففي الراكد بالطريق الأولى.
وأخرجه ابن ماجه (٢): عن محمَّد بن يحيى، عن محمَّد بن المبارك، عن يحيى بن حمزة؛، عن ابن أبي فروة، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: "لا [يبولن] (٣) أحدكم في الماء الناقع".
ص: قال أبو جعفر ﵀: فلما خصّ رسول الله ﷺ الماء الذي لا يجري دون الماء الجاري مع ما في هذه الآثار؛ علمنا بذلك أنه إنما فصل ذلك لأن النجاسة تداخل الماء الذي لا يجري ولا تداخل الماء الجاري، وقد روي عن رسول الله ﷺ أيضًا في غسل الإناء من ولوغ الكلب ما سنذكره في غير هذا الموضع من كتابنا هذا إنْ شاء الله تعالى فذلك دليل على نجاسة الإناء ونجاسة مائه وليس ذلك بغالب على ريحه ولا على لونه ولا على طعمه، فتصحيح معاني هذه الآثار يوجب فيما ذكرنا من هذا الباب من معاني حديث بئر بضاعة ما وصفنا لتتفق معاني ذلك ومعاني هذه الآثار ولا تتضادَّ، فهذا حكم الماء الذي لا يجري إذا وقعت فيه النجاسة من طريق تصحيح معاني الآثار، غير أن قوما وقتوا في ذلك شيئًا فقالوا: إذا كان الماء قلتين لم يحمل خبثا.
ش: لما أوّل فيما مضى معنى قوله ﵇ في بئر بضاعة: "إنَّ الماء لا ينجس" بأنه لا ينجس في حال عدم النجاسة فيها، وكذلك معنى قوله ﵇: "إنَّ الأرض لا تنجس" بأنها لا تبقى نجسة إذا زالت النجاسة منها، وأقام على ذلك شواهد تدل على صحة مدعاه وهي أحاديث بول الأعرابي في المسجد، ثم أوضح ذلك