الحفظِ، والفطنةِ، واثنانِ عدميانِ وهما: عدمُ الشذوذِ وعدمُ العلةِ القادحةِ، وينبغي أنْ يقيدها بكونها خفيةً ليوفي بمعنى كلامِ ابنِ الصلاحِ (١)، أو يقولَ: ولا معلل فيدخلَ القيدانِ: القدحُ والخفاءُ؛ لأنَّ المعللَ هو ما فيهِ علةٌ قادحةٌ خفيةٌ، لايكونُ معللًا إلا إذا اشتملَ على علةٍ موصوفةٍ بالوصفينِ معًا، وبهذا علمتَ أنَّهُ لا اعتراضَ على كلامِ ابنِ الصلاحِ، فإنَّهُ قالَ: «أما الحديثُ الصحيحُ: فهوَ الحديثُ المسندُ الذي يتصلُ إسنادهُ بنقلِ العدلِ الضابطِ عنِ العدلِ الضابطِ إلى منتهاهُ (٢) ولا يكونُ شاذًا ولا معللًا، وفي هذهِ الأوصافِ احترازٌ عنِ المرسلِ والمنقطعِ، والمعضلِ، والشاذِّ، وما فيهِ علةٌ قادحةٌ، وما في راويه نوعُ جرحٍ» (٣). انتهى (٤).
فإنْ قيلَ: العلةُ ضارةٌ ظاهرةً كانت، أو خفيةً، قيلَ: مسلمٌ، لكنْ لا تخلو العلةُ الظاهرةُ عنْ أنْ تكونَ راجعةً إلى ضعفِ الراوي، أو إلى عدمِ اتصالِ السندِ، وقد تقدمَ الاحترازُ عنهُ بقولهِ: الذي يتصلُ إسنادهُ بنقلِ العدلِ الضابطِ، فإذا عُدِمَ أحدهما
_________
(١) عبارة: «ليوفي بمعنى كلام ابن الصلاح» لم ترد في (ك).
(٢) من قوله: «أما الحديث الصحيح ....» إلى هنا لم يرد في (ك).
(٣) معرفة أنواع علم الحديث: ٧٩.
أقول: تعقب بعض الناس - على ما حكاه ابن حجر ١/ ٢٣٤ وبتحقيقي: ٦٣ - ابن الصلاح بأن في تعريفه تكرارًا، كان بإمكانه اجتنابه لو قال: المسند المتصل .. الخ، فيغني عن تكرار لفظ الإسناد.
وأجاب عن هذا: بأنه إنما أراد وصف الحديث المرفوع؛ لأنه الأصل الذي يتكلم عليه. والمختار في وصف المسند: أنه الحديث الذي يرفعه الصحابي مع ظهور الاتصال في باقي الإسناد. فعلى هذا لا بد مِن التعرض لاتصال الإسناد في شرط الصحيح.
وانظر محترزات وقيود ومناقشات هذا التعريف: الاقتراح: ١٥٢، ونكت الزركشي ١/ ٩٧، والتقييد والإيضاح: ٢٠، ونكت ابن حجر ١/ ٢٣٥ وبتحقيقي: ٦٤، والبحر الذي زخر ١/ ٣١٠.
(٤) من قوله: «وفي هذه الأوصاف ....» إلى هنا لم يرد في (ك).
1 / 79