لما يعترض الكلام مما ليس عليه الاعتماد، وإذا ظهرت الفائدة بما يستحسن فهو إيجاز لخفته على النفس.
وإذا عرفت الإيجاز ومراتبه. وتأملت ما جاء في القرآن منه، عرفت فضيلته على سائر الكلام، وهو علوه على غيره من سائر الكلام، وعلوه على غيره من أنواع البيان، والإيجاز تهذيب الكلام بما يحسن به البيان، والإيجاز تصفية الألفاظ من الكدر وتخليصها من الدرن، والإيجاز البيان عن المعنى بأقل ما يمكن من الألفاظ، والإيجاز إظهار المعنى الكثير باللفظ اليسير، والإيجاز والإكثار إنما هما في المعنى الواحد، وذلك ظاهر في جملة العدد وتفصيله كقول القائل لي عنده خمسة وثلاثة واثنان في موضع عشرة وقد يطول الكلام في البيان عن المعاني المختلفة وهو مع ذلك في نهاية الإيجاز. وإذا كان الإطناب لا منزلة إلا ويحسن أكثر منها فالإطناب حينئذ إيجاز كصفة ما يستحقه الله تعالى من الشكر على نعمه، فإطناب فيه إيجاز.
باب التشبيه
التشبيه هو العقد على أن أحد الشيئين يسد مسد الآخر في حس أو عقل ولا يخلو التشبيه من أن يكون في القول أو في النفس. فأما القول فنحو قولك: زيد شديد كالأسد. فالكاف عقدت المشبه به بالمشبه، وأما العقد في النفس فالاعتقاد لمعنى هذا القول. وأما التشبيه الحسي فكماءين وذهبين يوم أحدهما مقام الآخر ونحوه، وأما التشبيه النفسي فتحو تشبيه قوة
1 / 80