جهة الإخبار بأنه لا تقع المعارضة لأجل الإعجاز، فقال ﷿: ﴿وإن كنتم على ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادهوا شهدائكم من دون الله إن كنتم صادقين﴾ ثم قال: ﴿فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا﴾ فقطع بأنهم لن يفعلوا. وقال تعالى: ﴿قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله﴾، وقال: ﴿فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادفين﴾. ولما تعلموا بالعلم والمعاني التي فيه قال: ﴿فأتوا بعشر سور مثله مفتريات﴾. فقد قامت الحجة على العربي: والعجمي بعجز الجميع على المعارضة إذ بذلك تبين المعجزة.
باب الفواصل
الفواصل حروف متشاكلة في المقاطع توجب حسن إفهام المعاني. والفواصل بلاغة، والأسجاع عيب، وذلك أن الفواصل تابعة للمعاني، وأما الأسجاع فالمعاني تابعة لها. وهو قلب ما توجبه الحكمة في الدلالة، إذ كان الغرض الذي هو حكمة إنما هو الإبانة عن المعاني التي الحاجة إليها ماسة، فإذا كانت المشاكلة وصلة إليه فهو بلاغة، وإذا كانت المشاكلة في خلاف ذلك فهو عيب ولكنة، لأنه تكلف من غير الوجه الذي توجبه الحكمة، ومثله مثل من رصع تاجا ثم ألبسه زنجيا ساقطا، أو نظم قلادة در ثم ألبسها كلبا وقببح ذلك وعيبه بين لمن له أدنى فهم، فمن ذلك ما يحكى عن بعض الكهان: " والأرض والسماء، والغراب الواقعة بنقعاء، لقد نفر المجد إلى العشراء ".
1 / 97