قوله: (ثم دعاهم) مقتضاه أنه أمر بإحضارهم، فلما حضروا استدناهم؛ لأنه ذكر أنه دعاهم فتنزل عَلى هذا، ولم يقع تكرار ذَلِكَ إلا في هذه الرواية.
و(التَّرْجُمَان) بفتح التاء المثناة وضم الجيم، ويَجوز ضم التاء إتباعًا، ورجحه النووي في "شرح مُسْلِم"، ويجوز فتح الجيم حكاهُ الجوهري في رواية الأصيلي وغيره.
"بترجمانه": يعني أرسل إليه رسولًا أحضره صحبته، والترجمان: وهو المعبر عن لغة بلغة، وهو مُعَرَّب، وقيل: عربي.
قوله: (فقال: أيكم أقرب نسبًا؟) أي: قَالَ الترجمان عَلى لسان هرقل، وإنما كَانَ أبو سفيان أقرب؛ لأنه من بني عبد مناف، وقد أوضح ذلِكَ المصنف في الجهاد بقوله: "قَالَ: ما قرابتك منه؟ قُلْتُ: هو ابن عمي، قَالَ أبو سفيان: ولم يكن في الركب من بني عبد مناف غيري" (١). انتهى
وعبد مناف: الأب الرابع للنبي ﷺ[وكذا] (٢) لأبي سفيان، وأطلق عليه ابن عم؛ لأنه نزل كلًّا منها منزلة جده؛ فعبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن عم أبيه: ابن عبد شمس بن عبد مناف.
وإنما خص هرقل الأقرب؛ لأنه أَحْرَى بالاطلاع عَلى أموره ظاهرًا وباطنًا أكثر من غيره، ولأن الأبعد لا يؤمن أن يقدح في نسبه بخلاف الأقرب، وظهر ذلِكَ في سؤاله بعد ذلِكَ: "كيف نسبه فيكم؟ ".
وقوله: (بهذا الرجل) ضمن "أقرب" معنى "أوصل" (٣) فعَدَّاه بالباء، ووقع في رواية مسلم: "من هذا الرجل؟ " (٤)، وهو عَلى الأصل.