Nisbah wa-Mansub
نسبة ومنسوب
Издатель
بدون ناشر
Номер издания
الأولى
Год публикации
١٤٣٥ هـ - ٢٠١٤ م
Жанры
ممم زيادة ممم
الإهداء
إلى أصحاب الفضيلة أساتذة كلية الحديث الزملاء من الرعيل الأول الذين سعدت بمشاركتهم في بناء كلية الحديث هذا الصحرح العلمي المنير في الجامعة الأسلامية المباركة، وإلى من تلاهم من الزملاء والأبناء الذين سعدت بخدمتهم إدارة وتعليما، أحببتهم ولا زلت على ذلك، ملتمسا منهم العفو والدعاء، وليتقبلوا مني هذا الإهداء لأنهم أهل الحديث:
أهل الحديث هم الخيار من الأمم ... الذائدون عن العقيدة والشيم
وهم الراواة لسنة نبوية ... ينفون عنها كل قول متهم
قد زاد حبي للحديث وأهله ... فهم الأحبة لا عدمت وجودهم
أهل الحديث هم الذين تملكوا ... ودي فكري ليس يبرح عندهم
أنصار دين الله حين بدا الجفا ... واسْوَدَّ أفق بالجهالة وادلهم
يجلون للأبصار كل حقيقة ... جاءت على سنن الصراط المنتطم
لهم الثبات على العقيدة والهدى ... ليست لهم أطوار فكرة أو تهم
تأبى النفوس الشم كل دنية ... إذ نحوها الرعديد يسعى في نهم
صلى الإله على ندى أرواحهم ... فلربهم نذروا الحياة وموتهم
وأقر أعينهم بصحبة أحمد ... في جنة المأوى بها كل النعم
المقدمة الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، هذا أحلى ما تنطق به الأسن، وتُدونه الأقلام، وتُشنّف به الأسماع، فالحمد الله على نعمه المتواترة، والشكر الدائم له ﷿ على آلائه وفضائلة، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد المخصوص بالكرامة، وعلى آله، ومن صحبه في السفر والإقامة، والتابعين له بإحسان، ومن تبعهم إلى يوم القيامة، صلوات ربي عليهم أجمعين عدد ما حنّ غريب إلى وطنه، وغرّد عندليب على فننه، وأُدرج راحل في كفنه. وبعد: فإن خير ما به يُشْغِل المرء نفسه عمل صالح، بدءًا من المحافظة على ما فرض الله عليه، وانتهاءًا بالأعمال الصالحة، ومن أجلِّها الانقطاع إلى البحث والنظر، وقد صدق أبو هريرة ﵁ حين قال: "باب من العلم نتعلمه أحب إلينا من ألف ركعة تطوعا، وباب نعلمه عملنا به أو لم نعمل به أحب إلينا من مائة ركعة تطوعا" وقال هو وأبو ذر ﵄: سمعنا رسول الله ﷺ يقول: «إذا جاء طالبَ العلم الموتُ وهو على هذه الحال مات وهو شهيد» (١)، وأجاد المتنبي ﵀ حين قال: أعز مكان في الدنيا سرج سابح ... وخير جليس في الزمان كتاب وقد أصاب عين الحقيقة، فلا صديق أخلص من الكتاب، يُكْتَسَبُ منه خير كثير في كل الأبواب، أما البشر فالكثيرون منهم لا تجود صداقتهم إلا في اللهو والعبث، وكم شكا الأئمة الفضلاء من عدم وفاء الكثيرين من أصدقاء مقتبل العمر، وكم ندموا وتحسروا على ضياع أثمن الأوقات معهم؛ زهرة الشباب خرجوا منها بعد فوات الأوان نادمين، التزام منهج أهل الفضل والصلاح في نقد الأصدقاء وتمحيص من زعم أنه الوفي منهم، وكم نظم الأدباء والعلماء في ذلك، وصدق أبو العتاهية ﵀ حين كتب إلى بعض إخوانه يحدد له الصديق الحق قال: _________ (١) تاريخ دمشق ٦٧/ ٣٦٧.
المقدمة الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، هذا أحلى ما تنطق به الأسن، وتُدونه الأقلام، وتُشنّف به الأسماع، فالحمد الله على نعمه المتواترة، والشكر الدائم له ﷿ على آلائه وفضائلة، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد المخصوص بالكرامة، وعلى آله، ومن صحبه في السفر والإقامة، والتابعين له بإحسان، ومن تبعهم إلى يوم القيامة، صلوات ربي عليهم أجمعين عدد ما حنّ غريب إلى وطنه، وغرّد عندليب على فننه، وأُدرج راحل في كفنه. وبعد: فإن خير ما به يُشْغِل المرء نفسه عمل صالح، بدءًا من المحافظة على ما فرض الله عليه، وانتهاءًا بالأعمال الصالحة، ومن أجلِّها الانقطاع إلى البحث والنظر، وقد صدق أبو هريرة ﵁ حين قال: "باب من العلم نتعلمه أحب إلينا من ألف ركعة تطوعا، وباب نعلمه عملنا به أو لم نعمل به أحب إلينا من مائة ركعة تطوعا" وقال هو وأبو ذر ﵄: سمعنا رسول الله ﷺ يقول: «إذا جاء طالبَ العلم الموتُ وهو على هذه الحال مات وهو شهيد» (١)، وأجاد المتنبي ﵀ حين قال: أعز مكان في الدنيا سرج سابح ... وخير جليس في الزمان كتاب وقد أصاب عين الحقيقة، فلا صديق أخلص من الكتاب، يُكْتَسَبُ منه خير كثير في كل الأبواب، أما البشر فالكثيرون منهم لا تجود صداقتهم إلا في اللهو والعبث، وكم شكا الأئمة الفضلاء من عدم وفاء الكثيرين من أصدقاء مقتبل العمر، وكم ندموا وتحسروا على ضياع أثمن الأوقات معهم؛ زهرة الشباب خرجوا منها بعد فوات الأوان نادمين، التزام منهج أهل الفضل والصلاح في نقد الأصدقاء وتمحيص من زعم أنه الوفي منهم، وكم نظم الأدباء والعلماء في ذلك، وصدق أبو العتاهية ﵀ حين كتب إلى بعض إخوانه يحدد له الصديق الحق قال: _________ (١) تاريخ دمشق ٦٧/ ٣٦٧.
1 / 1
صديقي من يقاسمني همومي ... ويرمي بالعداوة من رماني
ويحفظني إذا ما غبت عنه ... وأرجوه لنائبة الزمان (١).
نعم هذا هو الصديق، ومن لك به في هذا العصر الذي أصبح فيه وزن الرجل ما يملك من مال، ولو كان أجهل من حمار أهله، وقد قال بعضهم نثرا: صديقي من يَصْدُقني، وتصفو نيته لي، ويريد الخير بي، لا من تسره مساءتي، وتعجبه شقاوتي، وإذا رأيت البؤس من أحبابي فأرجو الرضى من أعدائي، وإذا كان الداء من جهة الدواء تراخت أسباب الشفاء، وإلى أخيه يفزع الإنسان، وبالماء يَستظهِر الغصان، فاذا شرق بالماء فبم يستغيث، وإذا أتي المرء من أخيه فبمن يستعين" (٢).
قلت: يستعين بالله، ثم بما أرشد إليه إليه المتنبي ﵀، وخير الكتب كتاب الله ﷿، ونعم العوض من أصدقاء اللهو والخوض والتنابز كتاب الله ﷿، وقد قلّ الوفاء من القريب فضلا عن البعيد، فكان ذلك خيرا لي، توجهت إلى النظر في بعض ما سطره العلماء، الذين لم يكن همهم الخوض مع الخائضين، ولا التلذذ بالألفاظ المضحكة، ولا ضياع الوقت في الملاعب الملهية عن ذكر الله ﷿، فاستغنيت عن ماض ندمت على ضياع كثير من وقتي فيه، والحمد لله الذي هداني لهذا وما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله ﷿، وكان مما نظرت فيه كتاب معجم البلدان للإمام العلامة ياقوت الحموي ﵀، إنه موسوعة جمع فيه كثيرا من العلوم، يستطيع الناظر فيه استخلاص العدد الوافر من الكتب، فرأيت معايشة هذا الكتاب العظيم، واستخلاص ما ورد فيه من نسبة ومنسوب، بتصرف مني، ولم ألتزم ذكر جميع من نسب، ولا الغالب منهم، بل أكتفي بمن ذكرهم ياقوت ﵀، وقد لا يذكر إلا الفرد والفردين أحيانا، وكذلك لم ألتزم ذكر جميع المواضع المشتركة في اسم واحد، وهي في عدة أمصار، بل أذكر الموضع الذي تمت النسبة إليه، وليعلم أن تسمية المدن والقرى والقلاع والأودية وأوصافها هي مذكورة بما كان في عهد ياقوت ﵀، ومن سبقه من المؤرخين واصفي البلدان، وذلك من القرن
_________
(١) بغية الطلب في تاريخ حلب ٤/ ١٧٨٩.
(٢) رسائل الثعالبي ١/ ٢٦.
1 / 2
السادس وما سبقه، وقد تغيرت أسماؤها وتغيرت أحوالها وأوصافها، ومنها ما آل إلى الخراب بسبب ما لحقها من الحروب، وما ابتعلته المدن بتحولها من قرى مجاورة للمدن إلى أحياء في المدن، وقد رتبت النِّسب على حروف المعجم من الألف إلى الياء، وكل حرف ترتب المعلومات الواردة فيه على حروف المعجم أيضا، هكذا: حرف الألف مع الألف، ومع الباء، وهلم جرا إلى الياء، قاصدا بهذا العمل إفادة الغير، ليُعلم كيف صنع الفاتحون رجالا في تلك المدن والقرى التي أوصلوا إليها نور الإسلام، أو اختطوها وبنوا فيها المدن والقرى والحصون، فأناروا القلوب والعقول بدراسة العلوم وتدريسها، وتداولوها قرونا عديدة، ونحن اليوم نعيش في القرن الخامس عشر من هجرة سيدنا ونبينا محمد ﷺ نعيش مع أولئك الجهابذة الأخيار حياتهم العلمية لحظة بلحظة، وكأننا نزاحمهم على المقاعد، وإن كان طواهم الزمن، وطوى الكثير من آثارهم وممالكهم، ومدنهم وقراهم، ومدارسهم التي قد لا يكون بقي منها إلا الاسم دون الرسم، وزالت إما بالخراب، وإما بابتلاع المدن لها حتى أصبحت من أحيائها ومحلاتها، أو بتغير أسمائها، فلم يبق منها إلا ما سطره الجهابذة من صفاتها وأحوالها، وحدودها، وتواريخها، وما مَثلي مع أولئك العلماء العظماء إلا كما قال الأديب غانم بن الوليد المخزومي:
ومن عجب أني أحنّ إليهم ... وأسأل عنهم من لقيت وهم معي
وتطلبهم عيني وهم في سوادها ... ويشتاقهم قلبي وهم بين أضلعي.
وكل ما سنقف عليه من النسبة والمنسوب، يتكون من أسماء مدن وقرى وقلاع، وحصون وسكك فتحها الرعيل الأول من المسلمين، أو أنشؤوها واسكنوها الجنود الفاتحين، وساد فيها الإسلام وأهله قرونا حتى نزلت بهم الفواجع ومنها فاجعة التتر، فقد جرى في سنة (٦١٧) وسنة (٦١٨) من التتر الواردين من أرض الصين ما لو استمرّوا في زحفهم لملكوا الدنيا كلها في أعوام يسيرة، فإنهم ساروا من أوائل أرض الصين إلى أن خرجوا من باب الأبواب، وقد ملكوا وخرّبوا من البلاد الإسلامية ما يقارب نصفها، لأنهم ملكوا ما وراء النهر، وخراسان، وخوارزم، وبلاد سجستان، ونواحي غزنة، وقطعة من السند، وقومس، وأرض
1 / 3
الجبل بأسره غير أصبهان وطبرستان وأذربيجان وأرّان وبعض أرمينية وخرجوا من الدربند، كلّ ذلك في أقل من عامين.
وقتلوا أهل كل مدينة ملكوها، ثم خذلهم الله وردهم من حيث جاءوا، ثم إنّهم بعد خروجهم من الدربند ملكوا بلاد الخزر، واللان، وروس، وسقسين، ومن ذلك الوقت المرير وقوة المسلمين تنحسر في تلك الأنحاء، وفي العالم كله (١)، ومن أبرز أسباب ضعف المسلمين، وخراب ما ملك آباؤهم وما شيدوا من المدن والقرى انغماس الولاة والقواد والمترفين في الشهوات، من النساء والشراب، والقناطير المقنطرة من الأصفر والأبيض، وكل ما هو ثمين، وقلّ العدل وانتشر الظلم، وكثرت الملل والنحل التي انتشرت بأسبابٍ سياسية وعرقية وعصبية، وأفكار بدعية يزعمون أنها من طلب الدين، بل زعم البعض أنها الدين كله، ولا حظ في الدين لمن لا يعتقدها، ويدعو إليها ويجاهد لنشرها، كما هو الحال فيما تقوم به الرافضة اليوم، وهو امتداد لأصولها من أيام معاوية ﵁، وقد خرب بسبب العصبية بين الرافضة وأتباع المذاهب الأربعة كثير من المدن والقرى المملوكة بالفتح الإسلامي، وكانت أسبابا لخرابها أو استعادتها من المسلمين، كما هو الحال في الري وغيرها كثير (٢)، قال ياقوت ﵀ عن الري: كانت مدينة عظيمة خرب أكثرها، واتفق أنّني اجتزت في خرابها في سنة (٦١٧) وأنا منهزم من التتر فرأيت حيطان خرابها قائمة ومنابرها باقية وتزاويق الحيطان بحالها لقرب عهدها بالخراب إلّا أنّها خاوية على عروشها، فسألت رجلا من عقلائها عن السبب في ذلك فقال: أمّا السبب فضعيف ولكن الله إذا أراد أمرا بلغه، كان أهل المدينة ثلاث طوائف: شافعية وهم الأقل، وحنفية وهم الأكثر، وشيعة وهم السواد الأعظم، لأن أهل البلد كان نصفهم شيعة وأما أهل الرستاق (٣)
فليس فيهم إلّا شيعة وقليل من الحنفيين ولم يكن فيهم من الشافعيّة أحد، فوقعت العصبيّة بين السنّة والشيعة فتضافر عليهم الحنفية والشافعيّة وتطاولت بينهم الحروب حتى لم يتركوا من
_________
(١) معجم البلدان ١/ ١٨٢.
(٢) معجم البلدان ٣/ ١١٧.
(٣) تقدم بيانها عند النسبة (١٢) ..
1 / 4
الشيعة من يعرف، فلمّا أفنوهم وقعت العصبيّة بين الحنفية والشافعيّة ووقعت بينهم حروب كان الظفر في جميعها للشافعيّة هذا مع قلّة عدد الشافعيّة إلّا أن الله نصرهم عليهم، وكان أهل الرستاق، وهم حنفية، يجيئون إلى البلد بالسلاح الشاك ويساعدون أهل نحلتهم فلم يغنهم ذلك شيئا حتى أفنوهم، فهذه المحالّ الخراب التي ترى هي محالّ الشيعة والحنفية، وبقيت هذه المحلة المعروفة بالشافعية وهي أصغر محالّ الرّيّ، ولم يبق من الشيعة والحنفية إلّا من يخفي مذهبه، ووجدت دورهم كلها مبنية تحت الأرض، ودروبهم التي يسلك بها إلى دورهم على غاية الظلمة وصعوبة المسلك، فعلوا ذلك لكثرة ما يطرقهم من العساكر بالغارات، ولولا ذلك لما بقي فيها أحد.
قلت: وهذا الصراع حتى لو كان سياسيا سببه عدم فهم الإسلام الصحيح، ولاسيما لدى الرافضة، فإنهم مثار كل فتنة بين المسلمين، بسبب ما يدّعون من محبة آل البيت، وولايتهم ﵈، وكفّروا الصحابة ﵃، وكل من لا يقول بوَلاية علي وذريته ﵃، لأن الوَلاية عند الرافضة ركن في الإيمان، وقالوا بوجوب قتل من لا يقول بها، واستباحة دمه وماله وعرضه، لذلك ترى تظافر أتباع الأئمة الأربعة ضدهم، إلا من خالفهم في الاعتقاد وغالى في التشيع، فإنه يوالي الرافضة، كما حدث من بعض الحنفية إذ وقفوا مع الرافضة ضد الشافعية أهل السنة، ولو التزم مراجع الرافضة منهج آل البيت ﵈ في فهم الإسلام الصحيح، واقتصروا على أحقية علي ﵁ بالخلافة، من غير تكفير للصحابة وسائر الأمة الذين يرون ترتيب الخلفاء الراشدين في الفضل، لو فعلوا ذلك لما انتثر عقد الوحدة الإسلامية، ولكن الرافضة أبو إلا الرفض لغاية يطلبونها طلبا حثيثا وهي استعادة أمجاد الفرس، تحت غطاء الولاية وحب آل البيت وهم برآء من ذلك، براءة الذئب من دم يوسف ﵇.
أما ما بقي من أمجاد المسلمين في تلك الديار فشيء قليل، نتعزى به حيث قصرت همم الدول عن المحافظة عليه، فلما ضاع عجز التالون عن استعادة شيء منه، فجزى الله عنا الفاتحين خير الجزاء، والحمد الله الذي أغنانا بذكرهم عن الكثيرين من الأحياء، فإنه مدبر الأمور على مر الأيام والشهور والدهو. المؤلف
1 / 5
تنبيه
كثيرا ما يورد ياقوت وصف المنسوب بالصوفي، أو شيخ الصوفية، أو شيخ الطائفة الصوفية، أو شيخ الطريقة، أو العارف، أو صاحب الكرامات، أو له مشهد يزار، وربما قال: رأيته وغير ذلك، ولا غرابة في ذلك فقد كان ما قبل هذا التاريخ الذي مات فيه المنسوب، وما بعده سوقا راج فيها الفكر الصوفي، ولكن ليس على وتيرة واحدة فمنها ما هو مقبول، ومنها ما هو بدعة منكرة، ومنها ما هو غلو قد يهلك صاحبه، ومنها ما هو كفر وإلحاد وضلال.
فالمقبول: ما قاد الى معرفة الله تعالى وتصفية النفس بالطاعة، والتجرد من شهوات الدنيا، والحذر من الاغترار بها، وهذا سلوك حسن معتمده قول الله تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ (١)، وهذا مبدأ عند جميع فرق الصوفية لكنهم اختلفوا في التطبيق، فأخذ قوم من التصوف مجرد الاعتناء بالظاهر، فالتزموا هيئة معينة في اللباس كالعمامة، والجبة، والمسبحة، والعصا والسجادة، ولا يعتبر هذا من الابتداع في الدين، وقد يكره إذا أدى إلى الشهرة.
وأما ما هو بدعة منكرة، فكمن يفهم التصوف على أنه انقطاع عن الدنيا، واشتغال بالعبادة، وترك ما أباح الله منها، وإنما قلنا: بدعة منكرة، لأن رسول الله ﷺ لم يعلم أصحابه هذا السلوك، بل أنكر على الثلاثة الذين تقالُّوا عبادتهم، فقالوا: وأين نحن من النبي ﷺ؟ ! قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله ﷺ إليهم، فقال: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» (٢)، وكذلك فيه مخالفة
_________
(١) الآية (٢٠) من سورة الحديد.
(٢) البخاري حديث (٥٠٦٣).
1 / 6
لقول الله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ (١)، وينكر عليهم استحسان ما لم يستحسن الله ﷿، ورسوله ﷺ.
وأما ما هو غلو قد يهلك صاحبه، فكمن يرى التصوف أداء الفرائض دون الرواتب، والنوافل كصلاة التراويح والقيام، ويرون السعي إلى الحقيقة بالاشتغال بالتفكر في ذات الله ﷿، ولا يخلوا سرهم من ذكر الله ﷿، وهؤلاء إفترقوا عن سابقيهم بترك ما عدا الفرئض، وقلنا: إنه غلو لأن الرواتب والنوافل لم يتركها رسول الله ﷺ، إلا الرواتب في السفر، عدا الوتر وركعتي الفجر، بل حرص عليها فقال ﷺ: «ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا، غير فريضة، إلا بنى الله له بيتا في الجنة، أو إلا بُني له بيت في الجنة» (٢)، ولأنهم والله أعلم يبحثون عن حقيقة يزعمون أنها توصلهم إلى الرتبة النورية التالية.
وأما ما هو كفر وإلحاد وضلال فكمن يرى التصوف الحصول على الصفات الحميدة، بالتزام مراقبة النفس، والتزام التوكل على الله ﷿، فلا يسعون إلى كسب، يعيشون على ما يقدمه الغير تبركا بصلاحهم، فهم يزعمون أنهم في شوق وتسليم يصلون بذلك كله إلى أن يكشف لهم الحجاب النوري، فيرون أنهم تأهلوا لظهور الكرامات، وجلب الخير لأتباعهم، ودفع الضرر عمن التجأ إليهم، وهذا ما أدى بالكثيرين منهم إلى القول بالحلول والاتحاد وهو الكفر الصريح، لأنهم بعد أن رأوا لأنفسهم حق التصرف في الكون، بل ادعوا سقوط التكاليف عنهم.
وأول من وقع في هذا الكفر الروافض فإنهم ادعوا الحلول في ذوات أئمتهم، وكم نسمع عبر الفضائيات اليوم أن عليا ﵁ يتصرف في الكون، وكذلك الأئمة من ذريته ﵃، وهي مزاعم كفر وضلال من الرافضة الأئمة برآء من ذلك، هم عباد
_________
(١) الآية (٣٢) من سورة الأعراف.
(٢) مسلم حديث (٧٢٨).
1 / 7
مكرمون ﵃، ولا أحكم على أحد من المنسوبين وصف بالصوفي لا أحكم عليه بشيء من هذا المختصر، فقد أفضوا إلى ما اعتقدوا، والله لطيف بعباده.
أما الكرامات: فقد تغايرت أقوال الطوائف في أمر الكرامات: نفاها طائفة وهم والمعتزلة والجهمية، فأنكروا ما هو ثابت بالكتاب والسنة، فكان قولهم مخالفة للنص.
وأثبتها طائفة لكن بغلو، ومنهم الصوفية بالغوا في إظهار الكرامات، حتى بالسحر والشعوذة، واستمالوا بها عقول العوام، فكانت سببا للشرك والضلال، حتى شُدت الرحال من بلد إلى آخر لزيارة من زعموه وليا، مستغيثين به، في قضاء الحاجات، وتفريج الكربات، فأدى ذلك إلى الشرك الصريح، ودعوة غير الله ﷿، كما هو الحال في كثير من بلاد المسلمين اليوم، وأشهر دليل على هذا ما يذاع في الفضائيات من أعمال يقوم بها الرافضة من الزحف لزيارة القبور، وفي مقدمتها قبر الحسين وقبور آل البيت ﵃، وغيرهم.
وطائفة نجت من الضلال بالاعتدال في عدم نفي الكرامات، وعدم الغلو فيها، فكانت وسطا بين التفريط والإفراط، وهم أهل السنة والجماعة، وذلك أنهم نظروا إلى الأولياء على الحقيقة فوجدوهم قوما اتّبعوا النبي ﷺ، فكانت منازلهم في التقوى والصلاح دون منازل الأنبياء، فرزقوا الكرامات التي تقصر عن المعجزات، لأن المعجزات خاصة بالرسل ﵈، فصار وجود الكرامات في حق الأولياء الملتزمين بالمنهج النبوي كوجود المعجزة في حق الرسول المخبر بشيء من الغيب، وكما أن الولي لا يبلغ قدر النبي ومكانته في الفضل والثوب والدرجة، فكذلك الكرامات لا تبلغ حد المعجزات، في الاخبار بشيء من الغيب، ولا تكسب الولي عصمة على الإطلاق، ولكنها تدل على الصلاح وحسن الاعتقاد، ما لم تظهر عليها قرائن الدجل والشعوذة كما هو الحال لدى من يدعي الكرامات ومخالفته للكتاب والسنة ظاهرة كظهور الشمس، والله الهادي إلى سواء السبيل.
1 / 8
بسم الله نبدأ ونسأله التمام على الوجه الذي يرضيه.
العشر الأول من شعبان لعام ١٤٣٣ من الهجرة النبوية
(١) النسبة: الآبري، نسبة إلى آبُر: بفتح الهمزة وسكون الألف وضمّ الباء الموحدة وراء: قرية من قرى سجستان
المنسوب: أبو الحسن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن عاصم الآبري
شيخ من أئمة الحديث، له كتاب نفيس كبير في أخبار الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ﵀، أجاد فيه كل الإجادة، وكان رحل إلى مصر، والشام، والحجاز، والعراق، وخراسان.
من شيوخه: أبو بكر بن خزيمة، والربيع بن سليمان الجيزي، وكان يعدّ في الحفّاظ.
من تلاميذه: علي بن بشرى السجستاني، توفي في رجب سنة (٣٦٣) (١).
(٢) النسبة: الأبرينَقي، نسبة إلى أَبْرينَق: بفتح الهمزة وسكون الباء، وكسر الراء، وياء ساكنة، ونون مفتوحة، وقاف، من قرى مرو
والمنسوب: أبو الحسن عليّ بن محمد الدّهّان الأبرينقي، كان فقيها صالحا
من شيوخه: أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الفوراني، الفقيه وغيره من شيوخ مرو.
من تلاميذه: أبو الحسن عليّ بن محمد الشهرستاني بمكة، وكان من أهل الورع والعلم. مات سنة (٥٢٣) (٢).
(٣) النسبة: الآبسكوني، نسبة إلى آبَسْكُون: بفتح الهمزة، وسكون الألف، وفتح الباء الموحدة، والسين المهملة ساكنة، وكاف مضمومة، وواو ساكنة، ونون، بليدة على ساحل بحر طبرستان، بينها وبين جرجان ثلاثة أيام
والمنسوب: أبو العلاء احمد بن صالح بن محمد بن صالح التميمي الآبسكوني، كان ينزل بصور على ساحل بحر الشام (٣).
_________
(١) معجم البلدان ١/ ٧٢.
(٢) معجم البلدان ١/ ٧٢.
(٣) معجم البلدان ١/ ٤٩.
1 / 9
(٤) النسبة: الآبلي، نسبة إلى آبِل القَمْح: قرية من نواحي بانياس، من أعمال دمشق بين دمشق والساحل
وآبل أيضا، آبل السّوق: قرية كبيرة في غوطة دمشق، من ناحية الوادي.
والمنسوب: أبو طاهر الحسين بن محمد بن الحسين بن عامر بن أحمد، يعرف بابن خراشة الأنصاري، الخزرجي، المقري الآبلي، إمام جامع دمشق
من شيوخه: أبو المظفّر الفتح بن برهان الأصبهاني، قرأ عليه القرآن.
من تلاميذه: أبو علي الحسين بن إبراهيم بن جابر، يعرف بابن أبي الزّمزم الفرائضي، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هلال الحنّائي، وأحمد بن محمد المؤذّن أبو القاسم، وأبو بكر الميانجي، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله بن ذكوان، وأبو همّام محمد بن إبراهيم بن عبد الله الحافظ، وأبو عبد الله بن أبي الحديد، ومحمد بن أحمد بن أبي الصّفر الأنباري، وأبو سعد السّمّان، وأبو محمد عبد العزيز الكتّاني وقال: توفي شيخنا أبو طاهر الآبلي في سابع عشر ربيع الآخر سنة (٤٢٨) وكان ثقة نبيلا مأمونا (١).
(٥) النسبة: الآبي، نسبة إلى آبَهْ: بالباء الموحدة، من قرى أصبهان، وقيل: إن آبه قرية من قرى ساوه، قال ياقوت ﵀: أما آبه، بليدة تقابل ساوه تعرف بين العامّة بآوه، فلا شكّ فيها، وأهلها شيعة، وأهل ساوه سنّية، لا تزال الحروب بين البلدين قائمة على المذهب
والمنسوب: جرير بن عبد الحميد الآبي سكن الري، نسب إلى آبة أصبهان. والوزير أبو سعد منصور بن الحسين الآبي
ولّي أعمالا جليلة، وصحب الصاحب ابن عبّاد ثم وزر لمجد الدولة رستم بن فخر الدولة ابن ركن الدولة بن بويه، وكان أديبا شاعرا مصنّفا، وهو مؤلّف كتاب: نثر الدرر، وتاريخ الري، وغير ذلك.
وأخوه أبو منصور محمد كان من عظماء الكتّاب وجلّة الوزراء، وزر لملك طبرستان.
قال القاضي أبو نصر أحمد بن العلاء الميمندي، من مدن أذربيجان
_________
(١) معجم البلدان ١/ ٥٠.
1 / 10
وقائلة أتبغض أهل آبه ... وهم أعلام نظم والكتابة؟
فقلت: إليك عنّي إنّ مثلي ... يعادي كلّ من عادى الصّحابه
يقصد آبة الشيعية (١).
(٦) النسبة: الآجرّي، نسبة إلى الآجُر: بضم الجيم، وتشديد الراء: بلغة أهل مصر الطوّب، وبلغة أهل الشام القرميد. درب الآجرّ: محلّة كانت ببغداد من محالّ نهر طابق بالجانب الغربي، سكنها غير واحد من أهل العلم
والمنسوب: أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله، الآجرّي، الفقيه، الشافعي
من شيوخه: أبو شعيب الحرّاني، وأبو مسلم الكجي، وكان ثقة، صنّف تصانيف كثيرة، حدّث ببغداد، ثم انتقل إلى مكة فسكنها إلى أن مات بها في محرّم سنة (٣٦٠).
(٧) النسبة: الآجنقاني، نسبة إلى آجِنْقان: بالجيم المكسورة، والنون الساكنة، وقاف، وألف، ونون: قرية من قرى سرخس، والعجم يسمونها آجنكان
والمنسوب: أبو الفضل محمد بن عبدالواحد الآجنقاني
(٨) النسبة: الآخُري، نسبة إلى آخُر: بضم الخاء المعجمة، والراء: قصبة (٢) ناحية دهستان، بين جرجان وخوارزم، وقيل: آخر قرية بدهستان نسب.
والمنسوب: أبو الفضل العبّاس بن أحمد بن الفضل الزاهد، وكان إمام المسجد العتيق بدهستان، وأبو الفضل خزيمة بن علي بن عبدالرحمن الآخري الدهستاني، المعتزلي (٣)، كان فقيها، أديبا، لغويّا، سمع بدهستان.
من شيوخه: أبو الفتيان عمر بن عبد الكريم الرّوّاسي، وبندار بن عبد الواحد الدهستاني، وغيرهما، مات بمرو في صفر سنة (٥٤٨) وإسماعيل بن أحمد بن محمد بن أحمد بن حفص بن عمر أبو القاسم الآخري، الراوي عن أبي إسحاق
_________
(١) معجم البلدان ١/ ٥١.
(٢) تقدم بيانها عند النسبة (١٢).
(٣) تقدم كلامنا عن المعتزلة عند النسبة (٧١٢).
1 / 11
إبراهيم بن محمد الخوّاص بربض آمد، عن الحسن بن الصّبّاح الزعفراني، حديثا منكرا حمل فيه على الخوّاص.
من تلاميذه: الحافظ حمزة بن يوسف السّهمي.
وآخُر: قرية بين سمنان ودامغان، بينها وبين سمنان تسعة فراسخ "٤٩ كم" تقريبا، سمع بها الحافظ أبو عبد الله بن النّجّار.
(٩) النسبة: الأذرمي، نسبة إلى آذَرْمُة: من أعمال نصيبي
المنسوب: أبو عبد الرحمن عبدالله بن محمد ابن إسحاق الآذرمي النصيبيني
(١٠) النسبة: الآذيوخاني، نسبة إلى آذِيوَخَان: بكسر الذال المعجمة، وياء ساكنة، وواو مفتوحة، وخاء معجمة، وألف، ونون: قرية من قرى نهاوند
والمنسوب: أبو سعيد الفضل بن عبد الله بن عليّ بن عمر بن عبد الله بن يوسف الآذيوخاني
(١١) النسبة: الآزاذاني، نسبة إلى آزَاذَان: بالزاي، والذال المعجمة، وألف، ونون: قرى هراة، بها قبر الشيخ أبي الوليد أحمد بن أبي رجا شيخ البخاري، وقرية من قرى أصبهان (١).
والمنسوب: أبو عبد الرحمن قتيبة بن مهران المقري الآزاذاني، من الأصبهانية
(١٢) النسبة: الآزاذواري، نسبة إلى آزَاذْوَار: بعد الألف زاي، وألف، وذال معجمة، وواو، وألف، وراء: بليدة في أول كورة (٢) جوين، من جهة قومس، من أعمال نيسابور.
_________
(١) معجم البلدان ١/ ٥٢، ٥٣.
(٢) الكورة: كل صقع يشتمل على عدة قرى، وهي الإستان، ثم ينقسم الأستان إلى الرساتيق، وينقسم الرستاق إلى الطساسيج، وينقسم كل طسّوج إلى عدة من القرى، والقصبة أجل مدينة في الكورة أوفي الناحية.
ولكن الطسوج يكون وحدة وزن أيضا وهو جزء من (٢٤) جزءا من الدينار (معجم البلدان ١/ ٣٦، ٣٧، ٣٨، ٣/ ٢٦٦).
1 / 12
والمنسوب: إبراهيم بن عبد الرحمن بن سهل، الآزاذواري، يكنى أبا موسى
(١٣) النسبة: الآغزوني، نسبة إلى آغْزُون: الغين معجمة ساكنة، يلتقي معها ساكنان، والزاي معجمة مضمومة، والواو ساكنة، ونون: من قرى بخارى
والمنسوب: أبو عبد الله عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن أيمن بن عبد الله بن مرّة بن الأحنف بن قيس التميمي الآغزوني. وليس الأغذوني بالذال
(١٤) النسبة: الآفراني، نسبة إلى آفُرَان: بضم الفاء وآخره نون: قرية بينها وبين نسف فرسخان "١١ كم" بما وراء النهر، أخرجت طائفة من أهل العلم قديما وحديثا
والمنسوب: أبو موسى الوثير بن المنذر بن جنك بن زمانة الآفراني النسفي
(١٥) النسبة: الآلوزاني، نسبة إلى آلُوزَان: بضم اللام، وسكون الواو، وزاي، وألف، ونون: من قرى سرخس (١).
والمنسوب: سورة بن الحسن الآلوزاني
من شيوخه: محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة.
(١٦) النسبة: الآليني، نسبة إلى آلِين: بكسر اللام، وياء ساكنة، ونون: من قرى مرو على أسفل نهر خارقان
والمنسوب: فرات بن النضر الآليني، وأبو سدّاد الآليني
من شيوخه: الإمام عبد الله بن المبارك، ومحمد بن عمر أخو أبي سدّاد الآليني.
(١٧) النسبة: الآمدي، نسبة إلى آمِد: بكسر الميم: لها في العربية أصل حسن لأن الأمد الغاية، وينسب إلى آمد خلق من أهل العلم في كل فنّ
والمنسوب: أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي الأديب، كان بالبصرة يكتب بين يدي القضاة بها، وله تصانيف في الأدب مشهورة، منها كتاب المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء، وكتاب الموازنة بين أبي تمام والبحتري، وغير ذلك، ومات في سنة (٣٧٠) ومن المتأخرين أبو المكارم محمد بن الحسين الآمدي، شاعر بغدادي مكثر مجيد، مدح جمال الدين الأصبهاني وزير الموصل، مات أبو المكارم
_________
(١) معجم البلدان ١/ ٥٤، ٥٥.
1 / 13
هذا سنة (٥٥٢) وقد جاوز ثمانين سنة عمرا (١).
(١٨) النسبة: الآملي، نسبة إلى آمُل: بضم الميم، واللام: اسم أكبر مدينة بطبرستان في السهل، لأن طبرستان سهل وجبل
والمنسوب: أحمد بن هارون الآملي (٢).
من شيوخه: سعيد الحدثاني، ومحمد بن بشّار بندار الحكم بن نافع وغيرهما.
من تلاميذه: أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ، وأحمد بن محمد بن المشاجر، وزرعة بن أحمد بن محمد بن هشام أبو عاصم الآملي، حدّث بجرجان، عن أبي سعيد العدوي.
وإسماعيل بن أبي القاسم بن أحمد السّنّي الدّيلمي، أجاز لأبي سعد السمعاني ومات سنة (٥٢٧) وقيل: سنة (٥٢٩).
وآمل أيضا مدينة مشهورة في غربي جيحون على طريق القاصد إلى بخارا من مرو، ويقابلها في شرقي جيحون فربر التي ينسب إليها الفربري راوية كتاب البخاري، وقد أخرجت آمل هذه، جماعة من أهل العلم وافرة، وفرق المحدّثون بينهم وبين آمل طبرستان. فمن هذه:
عبد الله بن حمّاد بن أيوب بن موسى أبو عبد الرحمن الآملي.
من شيوخه: عبد الغفّار بن داود الحرّاني، وأبو جماهر محمد بن عثمان الدمشقي، ويحيى بن معين، وغيرهم.
من تلاميذه: محمد بن إسماعيل البخاري، عن يحيى بن معين حديثا، وعن سليمان بن عبد الرحمن حديثا آخر، والهيثم بن كليب الشاشي، ومحمد بن المنذر بن سعيد الهروي وغيرهم، ومات في ربيع الآخر سنة (٢٦٩).
وعبد الله بن علي أبو محمد الآملي.
من شيوخه: محمد بن منصور الشاشي عن سليمان الشاذ كوهي.
من تلاميذه: أبو القاسم بن الثّلاج ذكر أنه حدّثهم في سوق يحيى سنة (٣٣٨).
وخلف بن محمد الخيّام الآملي، وأحمد بن عبدة الآملي.
_________
(١) معجم البلدان ١/ ٥٦.
(٢) معجم البلدان ١/ ٥٦، ٥٧.
1 / 14
من شيوخه: عبد الله بن عثمان بن جبلة، المعروف بعبدان المروزي، وغيره.
من تلاميذه: الفضل بن محمد بن علي، وأبو داود سليمان بن الأشعث، وجماعة.
وموسى بن الحسن الآملي.
من شيوخه: أبو رجاء قتيبة بن سعيد البغلاني، وعبد الله بن محمود السعدي، وغيرهما.
من تلاميذه: أبو محمد عمر بن إسحاق الأسدي البخاري.
والفضل بن سهل بن أحمد الآملي.
من شيوخه: سعيد بن النضر بن شبرمة.
وأبو سعيد محمد بن أحمد بن علوية الآملي.
وأحمد بن محمد بن إسحاق ابن هارون الآملي.
وإسحاق بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن إسحاق أبو يعقوب الآملي.
من تلاميذه: ابن الثّلّاج، ذكر أنه قدم بغداد حاجّا وحدّثهم عن محمد بن إبراهيم بن سعيد البوشنجي.
وأبو سعيد محمد بن أحمد بن عليّ الآملي.
من شيوخه: أبو العباس الفضل بن أحمد الآملي، روى عنه غنجار (١).
(١٩) النسبة: الأَبي، نسبة إلى أَبّ: بالفتح والتشديد: الزرع، في قوله تعالى: ... ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ (٢) وهي بليدة باليمن، يكسرون الهمزة.
والمنسوب: أبو محمد عبد الله بن الحسن بن الفيّاض الهاشمي
(٢٠) النسبة: الأبّدي، نسبة إلى أُبَّدَة: بالضم، ثم الفتح والتشديد: اسم مدينة بالأندلس من كورة (٣) جيّان، تعرف بأبّدة العرب.
اختطّها عبدالرحمن بن الحكم بن هشام بن عبدالرحمن بن معاوية بن هشام بن عبدالملك، وتمّمها ابنه محمد بن عبدالرحمن.
_________
(١) معجم البلدان ١/ ٥٧، ٥٨.
(٢) الآية (٣١) من سورة عبس.
(٣) تقدم بيانها عند النسبة (١٢).
1 / 15
والمنسوب: أبو العباس أحمد بن البنيّ الأبّدي بجزيرة ميورقة
(٢١) النسبة: الأبرقوهي، أَبَرْقُوه: بفتح أوله، وثانيه، وسكون الراء، وضم القاف، والواو ساكنة، وهاء محضة: وأهل فارس يسمّونها وركوه، ومعناه: فوق الجبل، بليدة بنواحي أصبهان على عشرين فرسخا "١١١ كم تقريبا" منها
والمنسوب: أبو الحسن هبة الله بن الحسن بن محمد، الأبرقوهي، الفقيه
من شيوخه: أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي عبيدة بن مندة، حدث عنه بالكثير (١).
من تلاميذه: الحافظ أبو موسى محمد بن عمر المديني الأصبهاني.
مات في حدود سنة (٥١٨) (٢).
وإلى أبرقوه هذه ينسب الوزير أبو القاسم علي بن أحمد الأبرقوهي وزير بهاء الدولة بن عضد الدولة بن بويه (٣).
(٢٢) النسبة: الأبزاري، نسبة إلى أَبْزار: بفتح الهمزة، وسكون الباء، وزاي، وألف، وراء: قرية بينها وبين نيسابور فرسخان "١١ كم، و٨٠ م" نسب إليها قوم من أهل العلم
والمنسوب: حامد بن موسى الأبزاري
من شيوخه: إسحاق بن راهويه، وغيره.
وإبراهيم بن محمد بن أحمد بن رجاء، الأبزاري، الوراق.
من شيوخه: طلب الحديث على كثير، فسمع بنيسابور، ونسا، ورحل إلى العراق، فسمع بها عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، وكتب بالجزيرة، عن أبي عروبة الحرّاني، وبالشام عن مكحول البيروتي، وعامر بن خزيم المرّي، وأبي الحسن بن جوصا، وسمع بخراسان الحسن بن سفيان، ومسعود بن قطن، وجعفر بن أحمد الحافظ، وببغداد أبا القاسم البغوي، ومحمد بن محمد الباغندي، وغيرهم.
من تلاميذه: الحاكم أبو عبد الله، وأبو عبد الرحمن السّلمي، وأبو عبد الله بن مندة، وأبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي.
_________
(١) معجم البلدان ١/ ٦٩.
(٢) معجم البلدان ١/ ٦٤ ــ ٦٩.
(٣) معجم البلدان ١/ ٧٠.
1 / 16
جمع الحديث الكثير، وعمّر حتى احتاجوا إليه (١).
ومات في خامس رجب سنة (٣٦٤) عن ست أو سبع وتسعين سنة.
(٢٣) النسبة: الأبغري، نسبة إلى أَبْغَر: بالفتح، ثم السكون، والغين المعجمة مفتوحة، وراء: من قرى سمرقند، وقيل هي ناحية بسمرقند ذات قرى متّصلة
والمنسوب: أبو يزيد خالد بن كردة الأبغري، السّمرقندي، وأبو عبد الله محمد بن محمد بن عمران الأبغري، كاتب الإنشاء في أيام دولة السامانية، وكان من البلغاء (٢).
(٢٤) النسبة: الأبلي، نسبة إلى الأبُلَّة: بضم أوله، وثانيه، وتشديد اللام وفتحها، بلدة على شاطئ دجل نسب إليها جماعة من رواة العلم
والمنسوب: شيبان بن فرّوخ الأبليّ
وحفص بن عمر بن إسماعيل الأبلي.
من شيوخه: الثوري، ومسعر بن كدام، ومالك بن أنس، وابن أبي ذئب، وابنه إسماعيل بن حفص، أبو بكر الأبلي، وأبو هاشم كثير بن سليم الأبلي من أهلها، وهو الذي يقال له: كثير بن عبد الله يضع الحديث على أنس ويرويه عنه، لا تحلّ رواية حديثه (٣).
(٢٥) النسبة: الأُبّيّ، نسبة إلى أُبَّة: بضم أوله، وتشديد ثانيه، والهاء: اسم مدينة بإفريقية، بينها وبين القيروان ثلاثة أيام، وهي من ناحية الأربس، موصوفة بكثرة الفواكه وإنبات الزعفران
والمنسوب: أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد المعطي بن أحمد الأنصاري الأبّيّ
من شيوخه: أبو حفص عمر بن إسماعيل البرقي، كتب عنه أبو جعفر أحمد بن يحيى الجارودي بمصر.
وأبو العباس أحمد بن محمد الأُبّيّ، أديب شاعر سافر إلى اليمن، ولقي الوزير
_________
(١) معجم البلدان ١/ ٧٢.
(٢) معجم البلدان ١/ ٧٢، ٧٤.
(٣) معجم البلدان ١/ ٨٥، ٧٦.
1 / 17
العيدي، ورجع إلى مصر فأقام بها إلى أن مات في سنة (٥٩٨) (١).
(٢٦) النسبة: البويطي، نسبة إلى أَبْوَيْط: بالفتح، ثم السكون، وفتح الواو، وياء ساكنة، وطاء مهملة: قرية قرب بردنيس في شرقي النيل، من أعمال الصعيد الأدنى، من كورة (٢) الأسيوطية، وأكثر ما يقال بغير همزة.
والمنسوب: البويطي الفقيه، نذكره في باب الباء، إن شاء الله تعالى
وأبويط أيضا: قرية قرب بوصير قوريدس، وقيل إليها ينسب البويطي. والله أعلم.
(٢٧) النسبة: الأبياري، نسبة إلى أَبْيَار: بفتح أوله، وسكون ثانيه بلفظ جمع البئر، مخفّف الهمزة: اسم قرية بجزيرة بني نصر بين مصر والاسكندرية
والمنسوب: أبو الحسن عليّ بن إسماعيل بن أسد الربعي الأبياري
من شيوخه: محمد بن علي بن يحيى الدّقّاق، حدث عنه أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي بالاجازة، توفي سنة (٥١٨).
وأبو الحسن عليّ بن إسماعيل بن عليّ بن حسن بن عطيّة التّلكاني، ثم الأبياري، فقيه المالكية بالاسكندرية.
من شيوخه: أبو طاهر بن عوف وأبو القاسم مخلوف بن عليّ، ومولده تقريبا سنة (٥٥٧) (٣).
(٢٨) النسبة: الأبيوردي، نسبة إلى أَبِيوَرْد: بفتح أَوله، وكسر ثانيه، وياء ساكنة، وفتح الواو، وسكون الراء، ودال مهملة: مدينة بخراسان بين سرخس ونسا
والمنسوب: الأديب أبو المظفّر محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد الأموي المعاوي الشاعر، وأصله من كوفن، قرية من قرى أبيورد، كان إماما في كل فنّ من العلوم، عارفا بالنحو واللغة والنسب والأخبار، ويده باسطة في البلاغة والإنشاء، وله تصانيف في جميع ذلك، وشعره سائر مشهور، مات بأصبهان في العشرين من شهر ربيع الأول سنة (٥٠٧) (٤).
_________
(١) معجم البلدان ١/ ٧٨.
(٢) تقدم بيانها عند النسبة (١٢).
(٣) معجم البلدان ١/ ٨٢.
(٤) معجم البلدان ١/ ٨٦.
1 / 18
(٢٩) النسبة: الأثاربي، نسبة إلى الأَثارِب: كأنه جمع أثرب، من الثّرب، وهو الشّحم الذي قد غشي الكرش، يقال: أثرب الكبش إذا زاد شحمه، وهي قلعة معروفة بين حلب وأنطاكية، بينها وبين حلب نحو ثلاثة فراسخ "١٦ كم، و٦٣٢ م".
والمنسوب: أبو المعالي محمد بن هيّاج بن مبادر بن علي الأثاربي الأنصاري
وحمدان بن عبد الرحيم الأثاربي الطّبيب، متأدّب وله شعر وأدب، وصنّف تاريخا كان في أيام طغند كين صاحب دمشق بعد الخمسمائة (١).
(٣٠) النسبة: الأجدابي، نسبة إلى أَجْدَابيَة: بالفتح، ثم السكون، ودال مهملة، وبعد الألف، باء موحدة، وياء خفيفة، وهاء، بلد بين برقة وطرابلس الغرب، بينه وبين زويلة نحو شهر سيرا
والمنسوب: أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل بن أحمد بن عبد الله، الطرابلسي، يعرف بابن الأجدابي، كان أديبا فاضلا، له تصانيف حسنة، منها كفاية المتحفظ (٢)، وهو مختصر في اللغة مشهور، مستعمل جيد، وكتاب الأنواء وغير ذلك.
(٣١) النسبة: الأحصبي، نسبة إلى الأَحْصَبَان: تثنية الأحصب، من الأرض الحصباء، وهي الحصى الصغار، موضع باليمن
المنسوب: أبو الفتح أحمد بن عبدالرحمن بن الحسين، الأحصبي، الورّاق، نزل الأحصبين (٣).
(٣٢) النسبة: الأحصّي، نسبة إلى الأَحَصّ: بالفتح، وتشديد الصاد المهملة، يقال: رجل أحصّ، بيّن الحصص أي قليل شعر الرأس، وبنجد موضعان يقال لهما: الأحصّ وشبيث، وبالشام من نواحي حلب موضعان يقال لهما: الأحصّ وشبيث (٤).
والمنسوب إلى أحصّ حلب، شاعر يعرف بالناشي الأحصّي، كان في أيام سيف الدولة أبي الحسن علي بن حمدان، قال ياقوت ﵀: له خبر ظريف، أنا
_________
(١) معجم البلدان ١/ ٨٩.
(٢) معجم البلدان ١/ ١٠٠.
(٣) معجم البلدان ١/ ١٠١، ١٠٢.
(٤) معجم البلدان ١/ ١١٢.
1 / 19
مورده ههنا، وإن لم أكن على ثقة منه (١)، وهو أن هذا الشاعر الأحصّي دخل على سيف الدولة، فأنشده قصيدة له فيه، فاعتذر سيف الدولة بضيق اليد يومئذ، وقال له: أعذر فما يتأخر عنا حمل المال إلينا، فإذا بلغك ذلك فأتنا لنضاعف جائزتك، ونحسن إليك. فخرج من عنده فوجد على باب سيف الدولة كلابا تذبح لها السّخال وتطعم لحومها، فعاد إلى سيف الدولة فأنشده هذه الأبيات:
رأيت بباب داركم كلابا ... تغذّيها وتطعمها السّخالا
فما في الأرض أدبر من أديب ... يكون الكلب أحسن منه حالا
ثم اتفق أن حمل إلى سيف الدولة أموال من بعض الجهات على بغال، فضاع منها بغل بما عليه، وهو عشرة آلاف دينار، وجاء هذا البغل حتى وقف على باب الناشي الشاعر بالأحصّ، فسمع حسّه، فظنّه لصّا، فخرج إليه بالسلاح، فوجده بغلا موقرا بالمال، فأخذ ما عليه من المال وأطلقه، ثم دخل حلب، ودخل على سيف الدولة وأنشده قصيدة له يقول فيها:
ومن ظنّ أن الرّزق يأتي بحيلة ... فقد كذّبته نفسه، وهو آثم
يفوت الغنى من لا ينام عن السّرى ... وآخر يأتي رزقه وهو نائم
فقال له سيف الدولة: بحياتي! وصل إليك المال الذي كان على البغل؟ فقال: نعم. فقال: خذه بجائزتك مباركا لك فيه. فقيل لسيف الدولة: كيف عرفت ذلك؟ قال عرفته من قوله: وآخر يأتي رزقه وهو نائم، بعد قوله: يكون الكلب أحسن منه حالا (٢).
(٣٣) النسبة: الأخسيكثي، نسبة إلى أَخْسِيكَث: بالفتح، ثم السكون، وكسر السين المهملة، وياء ساكنة، وكاف وثاء مثلثة، وبعضهم يقوله بالتاء المثناة، وهو الأولى، لأن المثلثة ليست من حروف العجم: اسم مدينة بما وراء النهر، هي قصبة ناحية فرغانة، على شاطئ نهر الشاش على أرض مستوية، بينها وبين الجبال نحو من فرسخ "٢٤ كم" على شمالي النهر، وقد خرج منها جماعة من أهل العلم والأدب
والمنسوب أبو الوفاء محمد بن محمد بن القاسم الأخسيكثي، كان إماما في اللغة
_________
(١) معجم البلدان ١/ ١١٤.
(٢) معجم البلدان ١/ ١١٥.
1 / 20