33
أخضر كالمهابط
34
المبسوطة فيمر النور من بين أغصانه الدقيقة ناشرا ظلا لطيفا على المروج، وينقسم أصله العريض الأغبر الناعم الجاف الأعقد عند مستوى الأرض إلى عدة فروع مكسوة في أعلاه بأوراق ذات تقاطيع رقيقة وعناقيد خبازية طويلة، وإليك قبة شجر التين النابت فوق جذور جسام بارزة من الأرض والغني بخشبه وظله، وإليك الجميز الملكي القائم بجانبه والحائز لمثل صفاته، ويميل الزهر الأحمر الزاهي النحيف نحو البحيرة على حين تغرز ثريا شجر المرجان أصابعها القرمزية الساطعة في الهواء.
يقوم فوق المنحدرات المخضرة على طول البحيرة جميع ما ذكر ساكنا وحيدا تقريبا، وذلك رمزا إلى منظر خيال.
الفصل الثاني
لم يجرؤ أحد بعد على قهر منبع النيل، ولا على الإنشاء والتنظيم فوق ضفافه مع أن عدة خطط وضعت حول ذلك الجزء الأفريقي من قبل مهندسين كثيرين، ومع ذلك نصب جسر حديدي أسمر على النهر في أوائل حياته؛ أي بالقرب من مجراه التحتاني، فيصل به قطار بين بحيرة فيكتورية والمحيط الهندي، أو يصل به قطار بين البحر الصغير والبحر الكبير، وما كان النيل ليحتمل جسرا آخر إلا بعد ثلاثة آلاف كيلومتر من مجراه التحتاني وعلى طرف الصحراء، وما كان لإنسان في جميع هذه المسافة بين بلاد وشعوب أن يعبر النيل بلا زورق (عدا جسرا طبيعيا)، وقد حاول ذلك كثير من الحيوان والإنسان فكان الهلاك نصيبهم، والنهر بلا جسر في مسير لا نهاية له دل على أنه حاجز بين حيوان وحيوان.
والنهر الفتي لا يأخذ حذره من معبر،
1
والنهر الفتي في رتل طويل من المساقط والدوافع يطلق العنان لصولته الطفلية فائرا مدحورا مزبدا سعيدا بالحياة، والمسقط الثاني الذي هو مسقط أوين عريض كالأول، ولكنه أعمق منه مرتين وأقفر وأقتم، وهو يعجل سلسلة الدوافع، وإذا ما نظر إلى الأمر كما تود الطبيعة، لا كما تصنع الحضارة، سميت هذه الدوافع بالشلال الأول والثاني، وينحرف النيل المرغي وغير الصالح للملاحة نحو الشمال من غير أن ينقطع نفسه، وقد توارت المراعي والمروج، وقد منعت سكنى تلك البقعة بسبب مرض النوم، ويظل النهر والغابة وحدهما كما صنعتهما يد الخالق، ويبقيان نتيجة نبت القرون وقرضها، والنيل في ذلك المسير، وفي ذلك الحين وحده، يلامس الأيكة
Неизвестная страница