267

Нил: Жизнь реки

النيل: حياة نهر

Жанры

والغرانيت في مجرى النهر الفوقاني من دنقلة يقاوم الموج من جديد، وتقسم النهر جزيرة أرغو التي هي أطول جزر النيل والبالغ طولها 35 كيلومترا، ويتبع هذه الجزيرة بضع جزيرات وكتل صخرية يضيق بها النيل ويرغي ويزبد في سبع دوافع.

والنيل يغير منظره في الشلال الثالث، وعلى بعد 1100 كيلومتر من الخرطوم، ووسط العروة الكبرى، فيقل الشعور بالسهب، ويكون مجرى النهر أقل عرضا، ويغدو بقر الماء نادرا، وتنم على الحضارة عصابات لصوص أحسن تنظيما، وكل شيء يشجع هذه العصابات الراكب رجالها خيلا أو جمالا على مهاجمة المسافرين، وتفرض تلال على النهر منعطفا مفاجئا من الشرق إلى الغرب، وتدفق سلسلة جبال مرتفعة بعض الارتفاع فينزل عليها ماء السماء في الشتاء أحيانا، ويجري النهر من جديد في مضايق ومسايل من رخام أحمر وأخضر، ويبلغ النهر في بعض المرات من الضيق ما يستطيع معه نوبي ماهر أن يرمي حجرا من ضفة إلى أخرى؛ أي على مسافة ثمانين مترا، وتحول منعرجات كثيرة وصخور ضاغطة ودوامات غير قليلة دون كل ملاحة في ذلك الوادي الذي يدعوه العرب بلسانهم التصويري المرن «حياة الحجر».

وأهل تلك المنطقة أقل مهارة في الملاحة من إخوانهم في الجنوب، فتغرق في الغالب أرماثهم المصنوعة من أربعة سوق من النخيل المحدبة قليلا من الخارج إلى الداخل والسيئة الإدارة بمجاديف مفلوجة من أعلاها. وأما في السباحة فلا تجد أبيض يجيدها مثلهم، والأسود يربط مطرده

6

على رأسه ربطا أفقيا ويعبر النهر سابحا، وعلى الأسود أن يجاوز الماء ليصل من أوعر ناحية في الضفة إلى حقله الضيق ويبذر فيه حفنة من الحبوب أو اللوبياء، وذلك على أن يعود إليه ليحصد ما زرع ويجلبه إلى كوخه سابحا حاملا إياه على رأسه، وإذا عدوت المحيط المتجمد لم تجد مكانا يعسر كسب العيش فيه كما في ذلك البلد.

ومن يملك في تلك البقعة كوخا وبقرتين وأربعة من المعز يتكلم عن واحته، وتعد الناعورة دليلا على الغنى، وتعد النخلة دليلا على نعمة الله، وتلوح مآثر الدول الكبرى الغابرة بين علائم العيش الراهن الهزيلة، ومع ذلك لم تكن الأعمدة الهائلة التي نصبها أمنوفيس وتوتموزيس وسيزوستريس للإشادة بمجدهم في وسط سوق ولا على طريق تجارية زاخرة، وقد حملت خنزوانية

7

الفراعنة ألوف العبيد على تمجيدهم بين الصخور السود والصحراء الصفراء المغراء وفي سعير معم وفقر لا ينطوي على رعائية شعرية منذ ذلك الزمن، ولو كان لأولئك الملوك غنية عن إعجاب جمهور من الحضور، ولو كان أولئك الملوك يعلمون أن مآثرهم المنقوشة على الحجر مما لا يراه غير بضع مئات من الرعاة العراة ومن الفلاحين الذين جففتهم الشمس، لاعتقدوا أنهم أنداد الآلهة بما شادوه وبما فكروا فيه لألوف السنين. ومهما يكن الأمر فإننا نعلم من أحد تلك الآثار أن مستوى النيل الاعتيادي كان في عهد أمنوفيس الثالث أعلى مما هو عليه في الوقت الحاضر بثمانية أمتار؛ وسبب هذا الفرق هو عمل الماء في ثلاثة آلاف سنة.

ومع ذلك نقشت كتابة وجب تفسيرها للسكان المحليين جيلا بعد جيل. فبالقرب من وادي حلفا، وفي نهاية الشلالات، وحيث يصبح النيل صالحا للملاحة، أمر أحد الفراعنة بأن تنقش على عمود من الغرانيت الكلمة:

يحظر على الزنوج بعد هذا الموضع أن يسيروا مع النيل على سفينة.

Неизвестная страница