وعن الثاني (1): بأن تجويز ذلك يسد باب إثبات الصانع تعالى.
أجاب أفضل المتأخرين : بأن السواد والبياض لما اشتركا في الموجودية واختلفا في السوادية والبياضية ، وما به الاشتراك غير ما به الامتياز لا جرم أثبتنا شيئين ، ولما لم يكن ما به الاشتراك والامتياز (2) سلبيين أثبتناهما وجوديين (3)، أما الوجود والسوادية ، فهما مختلفان بحقيقتهما ومشتركان في الحالية ، لكن الحالية ليست صفة ثبوتية ، لأنه لا معنى للحال إلا ما لا يكون موجودا ولا معدوما. وإذا كان الاشتراك واقعا في وصف سلبي ، لم يلزم أن تكون الحالية صفة قائمة بالموجود ، فلم يلزم أن تكون للحال حال آخر (4).
اعترضه أفضل المحققين (5) بأن الحال ليس سلبا محضا ، فإن المستحيل عندهم ليس بموجود ولا معدوم وليس حالا ، (6) وإنما الحال وصف ثبوتي يلزمه أن لا يكون موجودا ولا معدوما فهو يشتمل على معنى غير سلب الوجود والعدم عنه يختص بتلك الأمور التي يسمونها حالا وتشترك الأحوال فيه (7) ولكونها غير مدركة بانفرادها لا يحكمون عليها بالتماثل والاختلاف ، فإنهم يقولون : المثلان ذاتان يفهم منهما معنى واحد ، والمختلفان ذاتان لا يفهم منهما معنى واحد ، والحال ليس بذات ولا ذات ذات ، فلا توصف بالتماثل والاختلاف. فإن الذات هي ما تدرك بالانفراد ، والحال لا يدرك بالانفراد ، فكيف يكون المدرك (8) من كل
Страница 83