156
تسْكنُها الْعَرَبُ فِي الصَّحْرَاءِ، فَمِنْهَا الطِّرَاف، والخِبَاء، والبِنَاء، وَالْقُبَّةُ، والمِضْرَب. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ مُفْرَدًا وَمَجْمُوعًا فِي الْحَدِيثِ. وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ ﵁ «كَانَ أَوَّلُ مَا أُنْزِل الْحِجَابُ فِي مُبْتَنَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِزَيْنَبَ» الابْتِنَاء والبِنَاء: الدُّخول بِالزَّوْجَةِ. والأصلُ فِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً بنَى عَلَيْهَا قُبَّة ليَدْخُل بِهَا فِيهَا، فَيُقَالُ بَنَى الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُقَالُ بنَى بأهْله. وَهَذَا الْقَوْلُ فِيهِ نَظَر، فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي غَيْرِ مَوْضع مِنَ الْحَدِيثِ وَغَيْرِ الْحَدِيثِ. وَعَادَ الْجَوْهَرِيُّ اسْتَعْمَلَهُ فِي كِتَابِهِ. والمُبْتَنَى هَاهُنَا يُراد بِهِ الابْتِنَاء، فَأَقَامَهُ مَقَامَ المصْدر. وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ ﵁ «قَالَ: يَا نبيَّ اللَّهِ مَتَّى تَبْنِينِي» أَيْ مَتَى تُدْخِلُني عَلَى زَوْجتي. وحَقِيقَتُه مَتَى تَجعلُني أَبْتَنِي بِزَوْجَتي. (هـ) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ «مَا رَأَيْتُهُ ﷺ مُتَّقِيًا الْأَرْضَ بِشَيْءٍ إِلَّا أَنِّي أَذْكُرُ يَوْمَ مَطرٍ فإنَّا بَسَطنَا لَهُ بِنَاء» أَيْ نِطْعا، هَكَذَا جَاءَ تَفْسِيرُهُ. وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا المَبْنَاة. (س) وَفِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ ﵇ «مَنْ هَدَمَ بِنَاء رَبّه ﵎ فَهُوَ مَلْعُونٌ» يَعْنِي مَنْ قَتَلَ نَفْسا بِغَيْرِ حَقٍّ؛ لِأَنَّ الْجِسْمَ بُنْيَان خَلَقه اللَّهُ تَعَالَى وركَّبه. (س) وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُور «رَأَيْتُ أنْ لَا أجعلَ هَذِهِ البَنِيَّة منِّي بِظَهْر» يُريد الْكَعْبَةَ. وَكَانَتْ تُدعَى بنِيَّةَ إِبْرَاهِيمَ ﵇، لِأَنَّهُ بَنَاهَا، وَقَدْ كَثُرَ قسَمُهم بِرَبِّ هَذِهِ البَنِيَّة. (س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي حُذَيْفَةَ «أَنَّهُ تَبَنَّى سالِمًا» أَيِ اتَّخذه ابْنًا، وَهُوَ تَفَعَّل مِنَ الِابْنِ. (س) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ «كُنْتُ ألْعَبُ بالبَنَات» أَيِ التَّمَاثِيل الَّتِي تلْعَب بِهَا الصَّبايا. وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ بَابِ الْبَاءِ وَالنُّونِ وَالتَّاءِ، لِأَنَّهَا جَمْعُ سَلاَمة لبِنْت عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ. (هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ ﵁ «أَنَّهُ سَأَلَ رُجَلًا قَدِم مِنَ الثَّغْر فَقَالَ: هَلْ شَرب الْجَيْشُ

1 / 158