كلمني أحد من تِلْكَ الطَّائِفَة إِلَّا هود ﵊ فَإِنَّهُ أَخْبرنِي بِسَبَب جمعيتهم ورأيته رجلا ضخما فِي الرِّجَال حسن الصُّورَة لطيف المحاورة عَارِفًا بالأمور كاشفا لَهَا
ودليلي على كشفه لَهَا قَوْله ﴿مَا من دَابَّة إِلَّا هُوَ آخذ بناصيتها إِن رَبِّي على صِرَاط مُسْتَقِيم﴾
وَأي بِشَارَة لِلْخلقِ أعظم من هَذِه ثمَّ من امتنان الله تَعَالَى علينا أَن أوصل إِلَيْنَا هَذِه الْمقَالة عَنهُ فِي الْقُرْآن ثمَّ تممها الْجَامِع للْكُلّ مُحَمَّد ﷺ بِمَا أخبر بِهِ عَن الْحق بِأَنَّهُ عين السّمع وَالْبَصَر
أَقُول هَذَا أَيْضا من جملَة الخيالات والكذبات الَّتِي حرف فِيهَا كَلَام رب الْعَالمين وألحد فِيهِ وَفِي معنى حَدِيث سيد الْمُرْسلين فَإِنَّهُ ﷺ لم يخبر عَن الْحق ﷾ أَنه عين السّمع وَالْبَصَر وَالْيَد وَالرجل لجَمِيع الْخلق حَتَّى مثل قوم هود الَّذين ذمهم الله تَعَالَى بِمَا ذمّ وعاقبهم بِمَا عاقب بل وَلَا أَرَادَ ﷺ حَقِيقَة ذَلِك قطّ
وَإِنَّمَا كنى بِهِ عَن معونته ﷾ لعَبْدِهِ على مَا لَا يخفى لمن كَانَ مُسلما
وَالله تَعَالَى هُوَ الْهَادِي المضل وَإِلَيْهِ يرجع الْأَمر كُله
قَالَ قابله الله تَعَالَى وَمَا رَأينَا قطّ من عِنْد الله تَعَالَى فِي حَقه تَعَالَى فِي آيَة أنزلهَا أَو إِخْبَار عَنهُ أوصله إِلَيْنَا فِيمَا يرجع إِلَيْهِ إِلَّا بالتحديد تَنْزِيها كَانَ أَو غير تَنْزِيه
أَوله العماء الَّذِي مَا فَوْقه هَوَاء
1 / 82