Ньютон: Очень короткое введение
نيوتن: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
هوامش
الفصل الخامس
فيلسوف هرمسي حقيقي
حظيت الخيمياء بسمعة متقلبة بحلول منتصف القرن السابع عشر. فعلى الرغم من أن الكثيرين كانوا يزدرونها باعتبارها المسعى البائس لتحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب، رأى آخرون أن لها تراثا طويلا وجليلا، وأن أسرارها أكبر و«أنبل» من أن تخفى في لغة وعبارات مجازية مبهمة. وكان الفلاسفة الطبيعيون، أمثال روبرت بويل، يزدرون ممارسات معينة يطلق عليها «خيميائية»، وفي الوقت نفسه يعتقدون أن بعض النصوص الخيميائية، إذا استوعبت بوجه صحيح، فإن من شأنها أن تقدم وصفا لأهم العمليات في الطبيعة. وكانت الخيمياء في حد ذاتها جزءا من ممارسة أكبر تسمى «الكيمياء»، والتي شملت عمليات خيميائية عادية أو «شائعة» كانت جزءا من مخزون مهارات أي كيميائي، ولكن بدت التقاليد الخيميائية التي تؤمن بأن الطبيعة بأكملها حية وكأنها تعد بإجابات عن الأسئلة المتعلقة بالتخمر، والحرارة، والتعفن، وكذلك نمو الحيوانات، والنباتات، والمعادن. وكان يفترض أن لدى الخيميائيين مدخلا لتقنيات تحاكي تلك العمليات الاستثنائية وتتيح لهم تحويل العديد من العناصر أحدها إلى الآخر. وكان معظم الخيميائيين يعتقدون أن هناك جانبا دينيا أو روحانيا أساسيا للفن، رغم أن الأدلة على ذلك غائبة بوضوح في أبحاث نيوتن الخيميائية.
في خمسينيات القرن السابع عشر، تكونت حلقة من الممارسين في لندن والتفت حول الأمريكي جورج ستاركي، الذي طور نظريات جيه بي فان هلمونت عن القوة الحيوية في عدد من الأعمال. واتجه نيوتن إلى أعمال ستاركي في نهاية ستينيات القرن السابع عشر، وجذبه إلى ذلك تحليله للطريقة التي يمكن بها تخمير أو إنبات عناصر أولية معينة. وفي مذكرات ترجع لهذه الفترة، وضع أيضا قاموسا من المصطلحات التي وجدها في كتابات بويل ودون كل العناصر الكيميائية، والإجراءات، والكثير من الأدوات والمعدات المطلوبة لممارسة فن الكيمياء العادية. غير أنه اتجه إلى التقاليد الكيميائية لتزويده بإجابات عن أسئلة تتعلق بأهم الموضوعات التي حيرته وحيرت معاصريه، تحديدا التخمر، والتحول، والحياة، والتكاثر، والعلاقة بين العقل والجسد. ليس التاريخ الذي أصبح فيه نيوتن منخرطا في دراسة الخيمياء معروفا على وجه التحديد، وإن كان وجود خطاب لصديقه فرانسيس أستون، وشراؤه مصهرين والمجلدات الستة لكتاب لازاروس تستسنر «مسرح الكيمياء» - كل ذلك في عام 1669 - يشير إلى أن اعتلاءه كرسي أستاذية الرياضيات في جامعة كامبريدج في نفس التوقيت ربما يكون قد صرفه عن اهتمام أعمق.
على الرغم من ذلك، لم يهمل نيوتن مطلقا ما تقدمه الكيمياء «العادية». ففي نفس التوقيت تقريبا، وفي مفكرته «الكيميائية»، دون ملاحظات امتدت على صفحات عدة، من كتاب روبرت بويل «تجارب وملاحظات جديدة عن البرودة» الصادر عام 1665، مضيفا تساؤلات وتجارب ثانوية خاصة به. وقد شكل هذا إلى جانب أعمال أخرى لبويل نشرت في ستينيات وسبعينيات القرن السابع عشر، أعظم منجم للمعلومات امتلكه نيوتن تحت يده، وقدم معلومات تفصيلية وموثوق بها عن العالم الطبيعي. فقد أشار - على سبيل المثال - إلى أنه على الرغم من أن الطقس في آسيا أكثر برودة بكثير، فإن الصينيين لا يشعرون بالبرودة مثل الأوروبيين؛ نظرا لوجود «انبعاثات من تحت سطح الأرض» تحتوي على «تيارات حرارية». وثمة ملاحظات أخرى من مؤلفات بويل، إلى جانب تأملات نيوتن عنها، عكست موضوعات ذات أهمية دائمة داخل نطاق فلسفته الطبيعية، مثل الحرارة، والضوء، والتحول، و«مبادئ» الطبيعة.
وفي موضع آخر، في قسم عن تحول «الأشكال»، أشار نيوتن (نقلا عن كتاب «أصل الأشكال والخصائص» لبويل الصادر عام 1666) إلى أن المواد الحية المتنوعة مثل الشعاب المرجانية، والسلطعون، وجراد البحر تتحول إلى حجر حين تخرج من الماء، وأنه بالقرب من جزيرة سومطرة كانت هناك أغصان أشجار صغيرة تحتوى على «ديدان» كجذور لها، وأنه في البرازيل يوجد حيوان قريب للجندب تحول إلى نبات. ومرة أخرى، يقدم بويل معلومات بالغة الأهمية تتعلق برواسب أرضية بيضاء ظلت على السطح بعد ترشيح مياه الأمطار؛ وعلق نيوتن بلهجة استحسان أن فان هلمونت كان يرى أن الماء هو أساس كل شيء، لأن جميع الأشياء يمكن «اختزالها» إليه «عن طريق عمليات متعاقبة».
وتشير المقتطفات المأخوذة من كتاب جورج ستاركي «ثبوت الاستغلال الكيميائي للنار» - والتي أعقبت الإشارة إلى فان هلمونت - إلى تحول في التركيز في قراءاته. ففي نفس الوقت كان يقرأ ويدون ملاحظات عن كتاب مايكل ماير «الرموز الذهبية للاثنى عشر شهرا»، الذي شكل مع مخطوطة تحوي نصائح للمسافرين الأساس للخطاب الذي أرسله إلى أستون في مايو عام 1669. بدأ هذا الخطاب بنصائح رنانة حول كيفية التعامل مع الأجانب، ولكن نيوتن أيضا أخبر أستون (الذي كان على وشك الانطلاق في جولة في أوروبا) أن ينتبه للتحولات من فلز لآخر، لأنها «تستحق انتباهك لها لكونها التجارب الأكثر تنويرا وتوضيحا للطريق في الفلسفة أيضا». وثمة تعليمات معينة جاءت من قراءته لماير، ولكنها أيضا كانت ترتبط بمعلومات مجمعة من قراءته لأعمال بويل. وسرعان ما شرع نيوتن في قراءة كم ضخم من كل من الأعمال المطبوعة والمكتوبة بخط اليد في مجال الخيمياء. ومن الحقائق ذات الأهمية البالغة أن ملاحظاته تأتي من نسخ مكتوبة بخط اليد من العديد من هذه النصوص، مما يشير إلى معرفته بمجموعة من الخيميائيين في كامبريدج أو لندن، وهو الأكثر ترجيحا. وللأسف إن هوية الكثير من هذه الشخصيات غير معروفة.
إنبات الفلزات
كما في حالة «الأسئلة الفلسفية»، سرعان ما شرع نيوتن في إجراء تجارب جديدة، وإن ظلت فهرسة ومقارنة الأعمال والمصطلحات الخيميائية المختلفة عنصرا أساسيا لاستراتيجيته البحثية. وبعد شرائه مجموعة «مسرح الكيمياء» مباشرة، وضع قائمة قصيرة من «الافتراضات» استقى فيها من النصوص الواردة في المجموعة. وقد أشار في هذه الافتراضات إلى «روح زئبقية» نشطة تسمى «ماجنسيا»، والتي كانت «العامل المساعد الحيوي الفريد» الذي يتغلغل في كل الأشياء في العالم. كان هذا هو ما يعرف بالزئبق الفلسفي؛ أي الشكل البدائي لجميع الفلزات والذي عندما يعيد الخيميائيون تكوينه يمكن أن يؤدي ذلك إلى نتائج تحولية غير عادية. ومن خلال العمل بالحرارة الخفيفة، أمكن تسخيره لتحويل (أو «تحليل») العناصر إلى حالتها الأولية، ثم «تنشيطها» (أو «توليدها») في شكل جديد. وبالاستعانة بقياس تمثيلي يعد أساسيا للتقاليد الخيميائية، لاحظ نيوتن أن أسلوب عمل هذه الروح كان قاصرا على أي مجال تعمل فيه، سواء على الفلزات، أم في جسم الإنسان، أم في مختبر الخيميائي، وأنها تنتج الذهب من «النطفة الفلزية»، فيما تستطيع توليد بشر من نطفة بشرية.
Неизвестная страница