فقال وهو يبتسم ويحاول أن يمزح: أتستطيعين تخمينها؟
صمتت برهة وكأنها لا تحس للسؤال ولا لشخص سائله بأهمية، ثم قالت: برتغالي؟
وكاد أن يقهقه قهقهة حشاشية عالية، ولكنه قطعها فجأة، فقد تذكر أنه في أوروبا وقال: لا.
قالت وكان لا حول لها ولا قوة: لا أعرف.
فقال له مزهوا: أنا من مصر.
وضايقته جدا حين قالت: حقيقة؟! أمر غريب.
قالت «أمر غريب» بطريقة لا غرابة فيها بالمرة، إذ هي نفس الكلمات التي لا بد أن يقولها أي إنسان في أي موقف كهذا، ولكنه التقط الكلمة وأمعن فيها وسألها: أمر غريب! لماذا؟
ولم تتكلم، ابتسامتها التي لا معنى لها ظلت مرتسمة على ملامحها بلا أي اندهاش، أو انفعال، أو رغبة خفية كانت أو ظاهرة في متابعة الحديث.
وأحس درش أنه لو استمر أكثر من هذا فسوف تكون كل ثانية على حساب كرامته وكبريائه، وأن أحسن طريقة هي أن يلايمها وينصرف. وفعلا قال: أنا سعيد جدا بلقائك. وذهب.
ذهب إلى الطرف الآخر من المحطة، وعندما وجد نفسه يقف فقد واتاه خاطر: محتمل أن يكون حديثها إليه ناشئ عن حب الاستطلاع، ولكنها لو كانت راغبة عن الحديث لأشعرته بذلك. ما الذي منعه إذا من مواصلة الحديث، ولماذا لا يعيد الكرة؟ يعيدها كيف؟! وبأي وجه يكلمها وهو الذي ودعها وانصرف. فليختلق سببا ذكيا هذه المرة ، ودار على عقبيه عائدا، وحين اقترب منها بدأ يتكلم قائلا: أرجو أن أكون غير متطفل عليك، ولكن اسمحي لي هل أنت متأكدة أن آخر ترام يأتي في الواحدة إلا ربعا.
Неизвестная страница