إذن ارتدي ملابسك فورا، ولنهبط إلى الكافتيريا البار. (فجأة ينتصب الرجل الذي فيه وكأنه المارد قد خرج من القمقم، وكأن مسودة الكتاب هي الأنثى. الدكتورة المجلدة المكتوبة فقرة وراءها فقرة وجدولا في إثر جدول، العالمة فيها هيجت العالم فيه، وأيقظ العالم الرجل، فالتهبت عيون الذكر. ولم يعرف بالضبط أهي العالمة هي التي قرأت بعقلها الرسالة ثم ترجمتها إلى لغة الإحساس والجسد، أم أن الجسد فيها هو الذي رفع متأخرا كثيرا فحوى العيون الملتهبة إلى مستوى الإدراك. طويلة باسقة ترتدي جاكتة البيجاما دون بنطلون حين وقفت تبحث عن ثقاب تشعل به سيجارتها لمس كتفها كتفه، ولأول مرة وهو الطويل يحس بكتف امرأة في مثل طول كتفه، بنصفه الأعلى عار بدون جاكتة، وبنصفها الأسفل عار بدون بنطلون. أفلت الزمام تماما على الأقل من يده، أما هي فقد انهار الزمام وهوت بركبتيها على الأرض تحيط خصره بيديها مقبلة كل ما يستطيع فمها أن يصل إليه من جسده، مغمغمة وكأنما تحلم متكلمة أو تتكلم حالمة قائلة):
هي :
حسنا! لقد سحقتني تماما وأنسيتني عملي، وأنا التي سأدفع، كم تأخذ؟ (الرجل الخائر الغائر فيه تجمد وكأنما بجملتها حولت أعماقه بضغطة من زر إلى لوح من الثلج، كم يأخذ؟ تبدأ الليلة بكم تأخذ هي، وتنتهي بكم يأخذ هو.
مودعا جسدها الطويل الفارع وصدرها النافر، في تحد وكأنما هو مفارقهما إلى الأبد، بلوعة الوداع ودموع المرارة وحسرة الأسف أمسكها بكل ما يملك من قوة من إبطيها وأنهضها، وبكلمات كلكمات حبذا لو كانت رجلا لتتلقاها فعلا لكمات، قال):
هو :
في لحظة واحدة، ارتدي ثيابك فورا.
هي :
ماذا؟ ماذا حدث؟ ماذا أغضبك؟ سأدفع لك كثيرا جدا، كل ما تطلب، وليس الليلة فقط، كل ليلة لو أردت، لقد ملكتني، سمها أحببتك، أحببتك، أرجوك، أرجوك ... (وفتحت حقيبة يدها تخرج حافظة نقودها الداخلية، وروعت فعلا وهي ترى نية القتل في عينيه، وشحبت تماما وكأنما تحولت إلى تمثال من الشمع لا يرتدي ملابسه، ولكنه يغطي نفسه بهلع، وكأنما ثانية عري واحدة ستكون فيها نهايته.
مشدوها، مشدوهة إلى درجة الخوف أن يفترقا، مرة أخرى إلى مقعديهما في الكافتيريا البار.
فلا بد - حتى لا يجن - أن يعود الحديث إلى الاتصال.) (الآن هما قد هبطا إلى البار الكافتيريا والصمت مطبق ومشحون، مخطوف الخواطر والهواجس لا يزال، حين يجلسان.)
Неизвестная страница