Теория эволюции и происхождение человека
نظرية التطور وأصل الإنسان
Жанры
وقد نقف هنا ونتساءل: هل تعدل فائدة النار للإنسان الأول أضرارها للإنسان الحاضر، من حيث تعويده طعام اللحم وطبخ الطعام وتنشئة الصناعة إلى هذا الحد الذي يكاد يحكم بالفناء على بعض الأمم؟ أما كان أهنأ للإنسان أن يعيش بلا نار؟
ولكن ليس هذا موضوع كلامنا الآن.
أصل اللغة
يبدو للمتأمل في تاريخ الإنسان عند عرضه مع سائر الحيوان؛ وخاصة تلك اللبونات التي ينتمي إليها، أن كثيرا مما يمتاز به عليها أنه لم يتطور إلى ناحية التخصص الجامد الذي وقفت عنده معظم الحيوانات الأخرى.
وذلك أن الحيوانات عندما بدأت تخرج من البحر إلى اليابسة تحولت زعانفها إلى أيد وأرجل للتسلق، فكان التسلق أول ما عرفت من الوظائف، ثم حدث التخصص، فمشي بعضها على أربع فصارت أيديه حوافر أو أظلافا، وعاش بعضها بافتراس الحيوان فصارت أصابعه براثن، وحفر بعضها تحت الأرض مثل الخلد ففقد إبهامه، ونزل بعضها ثانيا إلى البحر مثل اللجاة والدلفين والقيطس والتمساح فصارت أيديها مجاذيف تشبه الزعانف القديمة، وإن تكن الأصابع لا تزال باقية بها، ظاهرة أو مختفية.
حدث هذا التخصص فتجمد التطور وكاد يقف فيها عند حد، إلا الإنسان، فإنه استمر في تسلقه لا يمشي على أربع، وكأنه خرج من البحر إلى الأشجار فلم يرض بالنزول إلا إنسانا سويا، فاحتفظ بيديه وفي كل منها أصابعه الخمس، واحتفظ بهيئته القائمة المنتصبة؛ لأن معظم الحيوانات التي تتسلق تقف وتمشي وهي منتصبة قليلا أو كثيرا كما ترى ذلك في السنجاب والفأر، وساعدته هيئته المنتصبة على أن يضخم رأسه ويكبر، واستطاع أن يحمل هذا الرأس لأنه يقع عموديا عليه، وهو لو كان يمشي على أربع لما أمكنه أن يحمله وهو في هذه الضخامة، حتى وهو في الأشجار لم يبلغ به التخصص أن أضعف إبهامه كما هو الحال في القردة العليا.
ثم انظر إليه الآن تجده لم يتخصص حتى في طعامه؛ فهو يأكل كل شيء في العالم تقريبا، ولم يتخصص في الصوت؛ فهو بمرانة قليلة يمكنه أن يقلد صوت أي حيوان كما نرى ذلك في بعض الممثلين، ثم انظر إلى فم الحيوان؛ كالكلب أو الثور، تجده ممدودا إلى الأمام، فإذا أقفله لصق اللسان بالحنك الأعلى ولحم الفك الأسفل، فليس في فم الحيوان تجويف يساعده على النطق.
فاعتبر كل هذا، فلو أن الإنسان كان يمشي على أربع لما استطاع أن يحمل دماغا ثقيلا، ولما استطاع أن يقف، فنحن لا يمكننا أن نتصور أن يقف الفرس مهما مضى عليه من السنين، ولو أن الإنسان كان قد فقد إبهامه - بالبراعة في القفز بين غصون الأشجار أو بالحفر تحت الأرض كالخلد - لما اكتسب هذه الإبهام ثانيا بأية حيلة، وقد عرفت فيما سبق قيمة هذه الإبهام في إمساك الأدوات والآلات وتداولها، ثم لو كان يتناول طعامه بفمه لطال هذا الفم وضاق، فيصعب عليه عندئذ الكلام.
والإنسان لولا الكلام لما اختلف كثيرا عن البهائم؛ إذ كان كل فرد - عندئذ - يحتاج إلى أن يخترع المعاني اختراعا، في حين أننا نتسلمها الآن من سائر الناس بما وضعوه لها من الكلمات.
ويجب أن نذكر في نشأة اللغات الأولى أنها لم تقم أولا على الكلمات وحدها، بل كان للإشارات الشأن المهم في التفاهم ولا نزال للآن نستعمل بعض هذه الإشارات نريد بها معاني كلماتنا؛ فنهز الكتفين ونحرك الحاجبين واليدين ونرفع الرأس، ولكل من هذه الحركات معنى، وكانت هذه الحركات قديما أكثر مما هي الآن.
Неизвестная страница