Теория эволюции и происхождение человека
نظرية التطور وأصل الإنسان
Жанры
وإذا شاء القارئ أن يعرف تأثير الخرس فلا ينظر إلى أخرس يعيش بين متكلمين؛ لأن هذا الأخرس يسمع الكلمات ويرى سلوك غيره بها، فيعرفها ويفهم ويعقل، ولو أنه لا يتكلم، ولكن على القارئ أن يفرض مجتمعا مؤلفا من أفراد خرس لا يسمعون كلاما، وعندئذ لا يستطيع أحدهم التفكير لأنه لا يقيد المعاني بالكلمات، ولأنه يعيش بلا تراث ثقافي قد دون بالكلمات.
وكان من المستطاع أن تنشأ بين جماعات الشمبنزي أو الغوريلا أو الأورانج أوتان حضارة لو أنها كانت قد عرفت لغة، حتى مع صغر أدمغتها وقلة التلافيف فيها، نعني حضارة بدائية تجعل الأفراد يعيشون كما لو كانوا أناسا في درجة منحطة من الذكاء.
فاللغة هي فاصل كبير بيننا وبين القردة، وثم فاصل آخر يفصلنا نحن والقردة معا من سائر الحيوان، هو العينان، بل إن العين قد فصلتنا بعض الشيء من القردة؛ إذ كانت هي عاملا آخر جعلنا ننتصب في القامة انتصابا تاما لا يصل إليه القرد؛ ففي حركتنا خفة، وفي قامتنا اتزان، وفي عدونا سرعة لا تبلغها القردة؛ لأن عيوننا أدق من عيونها.
والواقع أن تفكيرنا هو تفكير العين، حتى ليقول أحدنا: «أنا عرفت هذا من عينه»، أو: «ما هي نظرتك في هذا الموضوع؟»؛ لأن النظر يتصل بجميع عواطفا تقريبا، والعين بأعضائها المختلفة وما يحيط بها تتحرك بما يكشف عن حالتنا النفسية، والتفات العين يدل على التفات الذهن، وإزاء العين تراجعت سائر الحواس البشرية إلى مكان منحط في الوجدان.
وأستميح القراء في التكرار التالي: (1)
أننا في ملايين السنين السحيقة تعلقنا بالأشجار وعشنا فيها بعض حياتنا، وتعلمنا من التسلق مبادئ انتصاب القامة والإمساك باليد وتقوية حاسة النظر. (2)
انتصاب القامة جعلنا نستغني عن الذنب؛ لأن اليد الممسكة أدت عمله، واستطعنا أن نحمل رأسا ضخما؛ لأنه يقع عموديا على قامتنا. (3)
أن العينين صارتا في الوجه بدلا من الصدغين، وصرنا نعتمد على النظر أكثر من أي حاسة أخرى، ونحن نجد الآن أن البومة، وهي طائر ليلي، قد جمعت عينيها في وجهها؛ لأن دقة النظر في الظلام أو الغبشة تحتاج إلى الجمع بين العينين.
والطرسيوسي (الذي يسمى أيضا الطرسير) أحد قرابتنا البعيدة الحية إلى الآن، حيوان ليلي قد جمع عينيه في وجهه أيضا، ونستطيع أن نحدس أن ظلام الغابة والحاجة إلى اليقظة في الليل هما السبب في جمع العينين في الوجه دون الصدغين، ثم إن انتصاب القامة زادهما ارتفاعا في الوجه؛ حتى يشرفا على الفضاء، كما أنها زادتا القامة انتصابا. (4)
لم نلتزم المعيشة في الشجر دون الأرض؛ ولذلك احتفظنا بالأيدي حرة تليق للتسلق كما تليق للإمساك، وبقيت الإبهام تواجه الكف أو تنطوي على الأصابع وقت الإمساك، وهذا هو ما فقدته القردة العليا فلم تحسن الإمساك. (5)
Неизвестная страница