Теория эволюции и происхождение человека
نظرية التطور وأصل الإنسان
Жанры
وقد كان الإنسان كذلك قديما، كما يدل عليه تطور جنينه، فإن العينين تظهران في الصدغين أولا، فنحن والقردة العليا نمتاز على سائر الحيوان بهذه الميزة العجيبة التي تتيح لنا رؤية الأشياء بعينين معا لا بعين واحدة، فيستقيم نظرنا للأشياء التي تتجسم لنا على حقيقتها وندرك أبعادها.
فجميع الحيوانات بالنسبة إلينا فيما يشبه العور، بل هي أكثر من ذلك؛ لأنه قد تختلف الصورة التي تنقلها إلى ذهنها إحدى عينيها عما تنقله الأخرى، ولعل هذا هو السبب في إجفال بعض الحيوانات عند رؤية الإنسان وهو على مسافة بعيدة منها؛ إذ إن وضع عينيها لا يجعلها تدرك البعد الصحيح بينها وبينه؛ ولذلك فالحيوان يعتمد كثيرا على حاسة الشم لأن عينيه لا تكفيانه، ومعظم وجهها ذاهب في الأنف لأن الخياشيم تستغرق أكثره.
وتعزى القمحدوة؛ أي الجزء الخلفي الناتئ من رأس الإنسان، إلى نمو العينين، وقد عرف العلماء هذا لأنه إذا إيف هذا الجزء إيفت العينان، ثم إن زوال العينين من الصدغين أتاح الفرصة للدماغ بأن يتسع ويضخم من الجانبين.
ومما ساعد دماغنا على النمو، هذه القامة المنتصبة، فنحن نحمله حملا عموديا فلا يثفلنا. (دماغ الإنسان كثير التلافيف، ودماغ القرد قليل التلافيف)
ومما زاد حجم الدماغ توفق الإنسان إلى لغة، فإنه لا يكاد يكون للدماغ فائدة بلا لغة تعبر عن أغراضه، ولا نقصد التعبير عن أغراضه لغيره بل لنفسه أيضا؛ فالخاطر لا يزال مبهما غامضا حتى تقيده اللغة بالألفاظ، فالإنسان الذي يعبر عن خاطره بالألفاظ يفهم ما يريد ويقصد إليه بلا تردد، والجماعة التي تتفاهم تعيش وتتعقل أكثر من غيرها، وربما كان افتقار القردة إلى لغة أهم ما يمنعها من الرقي، فهي تشبه الآن جماعة خرسا من الناس قد قطع إبهامها فلا تعرف كيف تخترع آلة ولا كيف تتفاهم، دع عنك صغر دماغها.
فإذا قيل لك لماذا لا يصير القرد إنسانا فاذكر أن دماغ القرد أصغر من دماغنا، وأنه أخرس، وأن يده بلا إبهام تذكر، فهو لا يتناول شيئا إلا بارتباك وثقل.
فاليد واللغة والعين تعتبر من أهم أسباب نمو الدماغ في الإنسان؛ فقد كان بين هذه الثلاثة وبين الدماغ تفاعل مستمر كلاهما يؤدي إلى رقي الآخر.
نحن والقردة
مما يجعل نظرية التطور بعيدة عن أفهام الجمهور أن حدائق الحيوان لا تحتوي في الغالب إلا على الأنواع الدنيا من القردة، فإذا قال أحد باشتراك الإنسان والقرد في الأصل لم يخطر ببال القارئ إلا هذه القردة الصغيرة القميئة التي يسير بها القرداون في الشوارع تلعب أمام الناس وتهرج، فيستبعد لذلك فكرة الصلة بين الإنسان والقرد، بل يكره النظرية لما يرى فيها من الإزراء بقدره وبنوعه.
ولكن هذه القردة الصغيرة المزينة عادة، لكل منها أليتان حمراوان من الخلف، والتي تلعب ألعاب البهلوان، لا تنتمي إلى الإنسان إلا بمقدار ما ينتمي القط إلى الأسد، بل القط أقرب إلى الأسد من هذه القردة إلينا.
Неизвестная страница