Теория эволюции и происхождение человека
نظرية التطور وأصل الإنسان
Жанры
وليس الخوف من الوقوع في الجريمة هو وحده الذي حال دون التفكير العلمي. لأن هناك ما هو أكبر من هذا الخوف وهو الإيمان بالقصة أو الأسطورة منذ أيام الطفولة، حين تشتبك تفاصيلها بعواطفنا حتى لنشمئز وننفر من الفحص عما فيها من صحة أو زيف.
وأعظم المفكرين تلابسه عقائد المجتمع الذي يعيش فيه وعاداته الذهنية والنفسية، وهو لا يتخلص منها إلا بمقدار صغير. اعتبر أرسطوطاليس مثلا؛ فإن القوة الذهنية عنده كانت عظيمة، وكانت قدرته على الترتيب والتفصيل معجزة، وقد ألف كتابا عن الحكومة أو الدولة في أيامه يحس من يقرؤه أنه قد استضاء فيه بفكرة التطور، ولكنه مع ذلك عمي عن الانتباه إلى تطور الأحياء، ولم يمنعه من ذلك سوى الأساطير التي نشأ عليها، إذ هي أطبقت على ذهنه وغمت على ذكائه.
والآن وبعد نحو مائة وخمسين سنة فقط من العلم البيولوجي شرع الإنسان يفكر التفكير العلمي في أصل الحياة، وشرع يبصر بأن الحياة هي خاصة من خواص المادة كما أن العقل هو خاصة من خواص الحياة. وقد بسطت لنا الكيمياء الحيوية (أي التي تدرس كيمياء الجسم الحي من نبات وحيوان) آفاقا جديدة في البحث والدرس، انتهينا منها إلى الوقوف على أجزاء كثيرة من الجسم الحي، وكيف تصنع بالتأليف والتركيب من مواد غير حية. فهناك مركبات حيوية يصنعها الجسم الحي مثل الإنزيمات والفيتامينات والهورمونات، وهي مركبات محورية في الأحياء بحيث لا يمكن أن تحيا بدونها. ومع ذلك تصنع الآن هذه المواد في المعمل دون حاجة إلى الجسم الحي، بل هي تصنع في المعامل ويعالج بها الإنسان أو الحيوان عندما تنقصه.
وقدرتنا الحاضرة على إيجاد هذه الأجزاء من الجسم الحي هي بشير بما سوف نستطيعه عندما نتقدم في الكيمياء العضوية. إذ ليس بعيدا أن نصنع الكل كما نصنع الآن الجزء بل الأجزاء. وكل ما نحتاج إليه هو الوقت. وليس في الجسم الحي من العناصر ما لا يوجد في حفنة من الصلصال. بل إن المشابهة الكيماوية كبيرة بين الاثنين.
وقد نشأت الخلية الأولى قبل نحو سبع مئة مليون سنة أو أكثر حين شرعت الأرض تبرد، وتتخثر الغازات إلى سوائل، ثم تجمد هذه إلى مواد صلبة، ومن العسير علينا أن نعرف تلك الحال الأولى حين نبض الطين بالحياة؛ إذ أين كان النيتروجين والكربون والأكسجين والهيدروجين؟ وكيف كانت الأشعة الشمسية وأثرها في الغيوم التي كانت تكسو الكرة الأرضية التي كانت تدور بأسرع مما تدور الآن حول نفسها وحول الشمس؟
كل هذا نجهله كما يجهل أحدنا ما يقوم به الكيماوي في معمله المقفل، ولكننا نتحسس الطريق إلى الوقوف على حقائقه بالتجربة تلو التجربة.
ولكن يجب أن نفهم من عبارة «الخلية الأولى» شيئا آخر غير الخلايا المفردة التي نراها في أيامنا؛ فإن هذه الخلايا هي أبسط ما نعرف في وسطنا الحاضر، ولكن الخلايا الحية الأولى التي ظهرت على الأرض كانت بالطبع أكثر بدائية وأقل تركبا من الخلايا الحاضرة؛ لأن المعقول أن الخلية قد تطورت، ظهرت أول ما ظهرت جزيئات بروتينية مجموعة عاجزة عن الاغتذاء إلا أقله، كما نرى في هذا الوقت في «الخلية الأنيروبية» التي تعيش بلا أكسيجين، وهي لهذا السبب لا تستغل سوى عشرة في المئة من طعامها، ويذهب تسعون في المئة من هذا الغذاء هباء، ثم ارتقت بعد ذلك باستغلال الأكسجين والاعتماد على مركبات أو جزيئات قوية من البروتين.
وأجسام الأحياء، من نبات وحيوان، تحتوي ثلاثة مركبات لا يمكن أن يخلو منها جسم حي هي: (1)
الكربوهيدرات؛ مثل السكر والنشا. (2)
والدهنيات؛ مثل الشحم والزيت. (3)
Неизвестная страница