فأما الرامزة فإنها إذا كانت الآلة أقل تهيؤا لقبول إنباء النفس الحى بها، بالأشياء؛ فإنهاحينئذ [تحتال أو تتلطف] لاتخاذ الحى ما أرادت اتخاذه إياه بالرمز: مثلا أقول كأنها أرادت أن تريه سفرا، فأرته ذاته طائرة من مكان إلى مكان، فرمزت له بالنقلة، وذلك إذا لم تقو الآلة على أن تقبل أسباب الفكر النقية؛ فإنه، كما أن الأحياء النامين يوجد منهم من يفكر فى الشىء قبل كونه، فيستعمل الفكر الصحيحة بالمقدمات الصادقة [المؤدية] لمثل ذلك الشىء المولدة حقيقة النتائج العظيمة [لكل] ما فكر فيه فينبىء بالأشياء قبل كونها، وتضعف أحوال ناس آخرين عن تخريج مثل تلك الفكر، فيصير اعتقادهم ظنونا - والظن ذو طرفين متناقضين، أعنى هو كذا، وليس هو كذا، فإن اتفق وقوع الظن على حقيقة الشىء كان صادقا، وإن اتفق وقوعه على نقيض الحقيقة كان ظنا كاذبا - وكذلك يعرض فى الرؤيا، إذا قصرت عن نظم الفكر من المقدمات الصادقة، فتصير فكرتها ظنة؛ فما وقع على حقيقة الشىء كان تأويلا، أعنى ما يرمز به؛ وما وقع على نقيض الحقيقة كان ما يدل على ضد ما يرى الحى من الرؤيا.
Страница 305