بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة الإمام السيوطي
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سبحان الله وبحمده منزل الكتاب تبصرة وذكرى لأولي الألباب، آتيا من أساليب البلاغة بالعجب العُجاب، راقيا من ذرى الفصاحة مرقى لا يجال ولا يجاب، معجزة للنبي الهاد، سيد من ركب الجواد، وأهدى من سلك الجوادَّ، وأفصح من نطق بالضادِ، المبعوث بالمنهل العذب لِيَرْوِيَ (١) كل صادٍ، ويهدي كل صاد، المؤيد بالمعجزات التي لا يحصيها عدُّ (٢) عادٍّ، المخصوص باستمرار معجزته إلى يوم التنادِ، وبقراءة كتابه في الجنان باللسان (٣) العربي المستجادِ، المؤتى جوامعَ الكلم بالإيجادِ، لتقوم أمته إلى قيام الساعة بالاستنباط والاجتهاد.
صلوات الله عليه وسلامه ما حدا حادٍ، وشدا شادٍ، وبدا باد، وعدا عادٍ، وما غدا أو راح رائح وغاد، وعلى آله الأمجاد وأصحابه الأنجادِ.
أما بعد (٤)، فإن التفسير في الصدر الأوّل كان مقصورا على السماع، محصورا في باب الاتّباع، يحفظ في الصدور عن الصدور، ويرجع إلى الأثر والنقل ويدور (٥)، فلما حدث تدوين الكتب (٦) وتصنيفها، وذلك في منتصف المائة الثانية أجروه مُجرى الأحاديث والآثار، وساقوه مساق (٧) ما دوّنوه من الأخبار، فقلّ إمام من أئمة الحفظ ألّف جامعا أو مسندا إلاّ وألّف تفسيرا ساق فيه ما وقع له بالأسانيد موردا.
ومفتتح هذه الطبقة مالك (٨)؟. . . . . . . . .
_________
(١) في د: فيروي.
(٢) في ح: عدد.
(٣) في ح، د: بلسانه.
(٤) في ت، ظ: وبعد.
(٥)
في ح: وعلى النقل يدور.
(٦) في هامش نسخة ظ: تدوين الكتب في منتصف المائة الثانية من الهجرة.
(٧) في ت: سياق.
(٨) لم يدون الإمام مالك ﵀ كتابًا في التفسير مستقلًا، أو مضافًا إلى الموطأ، ولكن كان له كلام في التفسير على حسب الحاجة، تلقاه عنه أصحابه ونقلوه، وقد بين ذلك القاضي أبو بكر ابن العربي حين قال في كتابه القبس في شرح موطأ مالك بن أنس ٣/ ١٠٤٧ كتاب التفسير: هذا كتاب التفسير، أرسل مالك ﵁ كلامه فيه إرسالًا، فلقطه أصحابه عنه، ونقلوه=
1 / 1