تَأْخُذهُ الرَّغْبَة فِي الْأَشْيَاء والرهبة من الْأَشْيَاء وَقَلبه نَازع إِلَى مَشِيئَته وفؤاده مراقب لإرادته وَأذنه مصيغة إِلَى كلمة كن وعينه شاخصة إِلَى تَدْبيره
فَإِذا قَالَ أعوذ بِكَلِمَات الله التَّامَّة من شَرّ مَا خلق وقِي شَرّ مَا خلق وَصَارَ فِي حصنه وارتتع فِي عياذه آمنا مطمئنا هَذَا لمن قَالَهَا بيقظة وعقل مَا يَقُول وَهَذَا القَوْل مِنْهُ تَحْقِيق الايمان لِأَنَّهُ آمن بِرَبّ لَا يملك أحد سواهُ شَيْئا وَلَا شريك لَهُ فِي شَيْء وَهَذَا لأهل الْيَقِين الَّذين إِذا قَالَ أحدهم هَذَا القَوْل اسْتَقر قلبه بعد القَوْل على مقَالَته واطمأنت نَفسه
فَأَما أهل الْغَفْلَة فَإِنَّهُم يعاذون على أقدارهم لحُرْمَة الْكَلِمَة وَهُوَ مثل مَا جَاءَ عَن رَسُول الله ﷺ أَنه قَالَ إِذا قَالَ العَبْد حسبي الله سبع مَرَّات قَالَ الله تَعَالَى وَعِزَّتِي لأكفينه صَادِقا أَو كَاذِبًا
فَإِنَّمَا قَالَ صَادِقا أَو كَاذِبًا لِأَن السَّابِق المقرب وَهُوَ الموقن إِذا قَالَ حسبي الله صدقه بِفِعْلِهِ فَهُوَ صَادِق لِأَنَّهُ لَا يتَعَلَّق بعد ذَلِك قلبه بالأسباب وَذَلِكَ مثل قَول إِبْرَاهِيم ﵇ حِين وضع فِي المنجنيق من الْجَبَل ليرمى بِهِ فِي النَّار وعري من الْكسْوَة وكتف بِالْوَثَاقِ فَقَالَ حسبي الله فعارضه جِبْرِيل ﵇ فِي الْهَوَاء امتحانا
1 / 63