قَالَ أَبُو عبد الله فعلى هَذَا الْمِثَال عاملت متزهدة زَمَاننَا سَمِعت أَنه مضى فِي السّلف الصَّالح من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ قوم اجتزوا بالدون من الْحَال فلبسوا الصُّوف والخلقان وأكلوا النخالة وامتنعوا من الشَّهَوَات وشمروا الثِّيَاب وامتنعوا من المخالطة صدقا وتورعا واحتياطا لدينهم كل ذَلِك خوفًا من الله تَعَالَى أَن يقدموا عَلَيْهِ متدنسين بحطام الدُّنْيَا مفتونين فِيهَا وَإِنَّمَا فعل الْقَوْم ذَلِك لضعف يقينهم بِمَنْزِلَة من امْتنع من دُخُول الْبَحْر سباحة مَخَافَة الْغَرق لعَجزه عَن السباحة فَلم يكْتب الله تَعَالَى هَذَا عَلَيْهِم بل احل لَهُم الطَّيِّبَات والزينة ووسع عَلَيْهِم فابتدعوا تَركهَا رهبة من الله تَعَالَى وَكَانُوا فِيهَا صَادِقين فَلم يعابوا وَلم يذموا لأَنهم رعوا مَا ابتدعوا حَتَّى خَرجُوا من الدُّنْيَا مَعَ صدق مَا ابتدعوا ابْتِغَاء رضوَان الله تَعَالَى فخلف من بعدهمْ خلف اتَّبَعُوهُمْ فِيمَا ابتدعوه وهم غير صَادِقين فِيهَا فَأَقْبَلُوا على لبس الصُّوف والخلقان وَأكل النخالة وَالْخبْز المتكرج يُرِيدُونَ بذلك إِظْهَار الزّهْد وَقُلُوبهمْ مشحونة بشهوات الدُّنْيَا تَأْكُل دنياهم بدينهم فَمَا رعوها حق رعايتها كَمَا فعل أَصْحَاب الصوامع والديور وَاتبعُوا الْقَوْم فِي فعلهم وأس أَمرهم على ضَلَالَة
عَن عبد الله بن مَسْعُود ﵁ قَالَ قَالَ لي رَسُول الله ﷺ يَا عبد الله بن مَسْعُود قلت لبيْك يَا رَسُول الله ثَلَاث مَرَّات قَالَ هَل تَدْرِي أَي عرى الْإِيمَان أوثق قلت الله وَرَسُوله أعلم قَالَ فَإِن أوثق عرى الْإِيمَان الْولَايَة فِي الله وَالْحب فِيهِ والبغض فِيهِ يَا عبد الله ابْن مَسْعُود قلت لبيْك يَا رَسُول الله ثَلَاث مَرَّات قَالَ هَل تَدْرِي أَي النَّاس أفضل قلت الله وَرَسُوله أعلم قَالَ فَإِن أفضل النَّاس أفضلهم عملا إِذا فقهوا فِي دينهم يَا عبد الله بن مَسْعُود قلت لبيْك يَا رَسُول الله ثَلَاث مَرَّات قَالَ هَل تَدْرِي أَي النَّاس أعلم قلت الله وَرَسُوله أعلم قَالَ فَإِن أعلم النَّاس أبصرهم بِالْحَقِّ إِذا اخْتلف النَّاس وَإِن كَانَ مقصرا فِي الْعَمَل وَإِن كَانَ يزحف على أسته وَاخْتلف من كَانَ قبلنَا على
1 / 86