قال الإمام علي بن أبي طالب: «أعجب ما في الإنسان قلبه، وله موارد من الحكمة وأضداد من خلافها، فإن سنح له الرجاء أذله الطمع، وإن هاجه الطمع أهلكه الحرص، وإن ملكه اليأس قتله الأسف، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ، وإن أسعد بالرضا نسي التحفظ، وإن أتاه الخوف شغله الحذر، وإن اتسع له الأمن استقبله العز، وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع، وإن استفاد مالا أطغاه الغنى، وإن عضته فاقة بلغ به البلاء، وإن جهد به الجوع قعد به الضعف، وإن أفرط في الشبع كظته البطنة، فكل تقصير به مضر، وكل إفراط له قاتل.
قس بن ساعدة والرجل
قال أحدهم: بينا أنا بجبل يقال له: سمعان، في يوم شديد الحر إذا أنا بقس بن ساعدة خطيب العرب أمام قبرين بينهما مسجد، فقلت له: ما هذان القبران؟ فقال: هذان قبرا أخوين كانا لي فماتا، فاتخذت بينهما مسجدا أعبد الله - جل وعز - فيه حتى ألحق بهما. ثم ذكر أيامهما فبكى، وأنشد:
خليلي هبا طالما قد رقدتما
أجدا كما لا تقضيان كراكما
ألم تعلما ما لي براوند هذه
ولا بخراق من نديم سواكما
مقيم على قبريكما لست بارحا
طوال الليالي أو يجيب صداكما
جرى الموت مجرى اللحم والعظم منكما
Неизвестная страница