ولمّا عرف هو بسيرهم سار حتى وافاهم في قرون حماة، وراسلهم وراسلوه واجتهد أن يصالحوه فما صالحوه، ورأوا أنّ المصاف ربما نالوا به الغرض الأكبر، والمقصود الأوفر. والقضاء يجر إلى أمور هم بها لا يشعرون. وقام المصاف بين العسكرين بقضاء الله فانكسروا بين يديه وأسر جماعة منهم، ومنّ عليهم وأطلقهم، وذلك في تاسع عشر رمضان سنة سبعين أيضا. ثم سار عقيب انكسارهم ونزل على حلب، وهي الدفعة الثانية، وصالحوه على أن أخذ المعرّة وكفر طاب وأخذ بارين، وذلك في أواخر هذه السنة.
ذكر مسير سيف الدين بنفسه
ولمّا وقعت هذه الواقعة كان سيف الدين على سنجار يحاصر أخاه عماد الدين بقصد أخذها منه ودخوله في طاعته، وكان قد أظهر أخوه الانتماء إلى السلطان، واعتصم بذلك، واشتد سيف الدين في حصار المكان، وضربه بالمنجنيق حتى انهدم من سوره ثلم كثيرة، وأشرف على الأخذ، فبلغه وقوع هذه الوقعة فخاف أن يبلغ ذلك أخاه فيشتدّ أمره، فراسله إلى الصلح، فصالحه، ثم سار من وقته إلى نصيبين، واهتم بجمع العساكر والإنفاق فيها، وسار حتى أتى الفرات، وعبر بالبيرة، وخيّم على جانب الفرات الشامي، وراسل
1 / 94