ورأيته وقد وصل إليه خبر وفاة تقي الدين ابن أخيه ونحن في مقابلة الإفرنج جريدة على الرملة وبيننا وبينهم شوط فرس لا غير فأحضر الملك العادل وعلم الدين سليمان وسابق الدين وعز الدين وأمر بالناس فطردوا من قريب الخيمة بحيث لم يبق حولها أحد زيادة عن غلوة سهم ثم أظهر الكتاب ووقف عليه وبكى بكاءً شديدًا حتى أبكانا من غير أن نعلم السبب ثم قال ﵀ والعبرة تحنقه توفي تقي الدين فاشتد بكاؤه وبكاء الجماعة ثم عدت إلى نفسي فقلت استغفروا الله تعالى من هذه الحالة وانظروا أين وفيم أنتم وأعرضوا عما سواه فقال ﵀ نعم أستغفر الله وأخذ يكررها ثم قال لا يعلم أحد واستدعى بشيء من الماورد فغسل عينيه ثم أشخص الطعام وحضر الناس ولم يعلم بذلك أحد حتى عاد العدو إلى يافا وعدنا نحن إلى النطرون وهو مقر ثقلنا.
وكان ﵀ شديد الشغف والشفقة بأولاده الصغار وهو صابر على مفارقتهم راض ببعدهم وكان صابرًا على مر العيش وخشونته مع القدرة التامة على غير ذلك احتسابًا لله تعالى. اللهم إن ترك ذلك ابتغاء مرضاتك فارض عنه وارحمه.
1 / 61