الأولين ما كذبه الاستبعاد، وشهدت بالصحة لما روي من نوادر الكرام الأجواد، وحققت وقعات شجعان مماليكها ما قدحت فيه الشكوك من أخبار الشجعان، ورأيت بالعيان من الصبر على المكاره في ذات الله ما قوى به الإيمان، وعظمت عجائبها عن أن يحيط بها خاطر أو يجنها جنان، وجلت نوادرها أن تحد ببيان لسان، أو أن تسطر في طرس ببنان، وكانت مع ذلك من قبيل لا يمكن الخبير بها إخفاؤها، ولا يسع المطلع عليها إلا أن تروي عنه أخبارها وأنباؤها، ومسني من رق نعمتها، وحق محبتها وواجب خدمتها، ما يجب علي به إبداء ما حققت من حسناتها، ورواية ما علمت من محاسن صفاتها. رأيت أن أختصر من ذلك على ما أملاه علي العيان، أو الخبر الذي يقارب مظنونه درجة الإيقان، وذلك جزء من كل، وقل من جل، ليستدل بالقليل على الكثير، وبالشعاع على المستطيل بعد المستطير، وسميت هذا المختصر من تاريخها: النوادر السلطانية، والمحاسن اليوسفية.
1 / 26