السائل بمسجد الكوفة
قال أبو زيد: سأل سائل بمسجد الكوفة وقت الظهر فلم يعط شيئا، فذهب الرجل، وفي العشاء عاد، وبعد أن قضيت الصلاة توجه للقبلة، وسمعوه يدعو الله: «اللهم إني أسألك صبرا جميلا وفرجا قريبا وبصرا بالهدى وقوة فيما تحب وترضى، اللهم إن كان رزقي الذي كتبت لي أجريته على أيدي هؤلاء القوم فإني أسألك أن تكفلنيه» فتبادروا إليه يعطونه فقال: والله لا أخذت الليلة شيئا منكم، مالي سوف يأتيني، ثم خرج وهو يقول:
ما نال بازل وجهه لسؤاله
عوضا ولو نال الغنى بسؤال
وإذا السؤال مع السؤال وزنته
رجح السؤال كفة كل نوال
الحساد الثلاثة
حكي أن ثلاثة من الحساد اجتمعوا، فتساءلوا عما بلغوه من الحسد، قال أولهم: ما اشتهيت أن أفعل بأحد خيرا قط لئلا أرى أثر ذلك عليه، وقال الثاني: أنت رجل صالح، أما أنا فما اشتهيت أن يفعل بأحد خيرا قط لئلا تشير الأصابع بالشكر إليه، وقال الثالث: ما في الأرض خير منكما، لكني ما اشتهيت أن يفعل بي خيرا أحد قط، فقالوا: ولم؟ قال: لأني أحسد نفسي على ذلك، فقالا له: أنت ألأمنا جسدا وأكثرنا حسدا.
ما خاب من استشار
قال الأسلي: ركبني دين أثقل كاهلي، وطالبني به مستحقوه، واشتدت حاجتي، فضاقت بي الأرض ولم أهتد إلى ما أصنع، فشاورت من أثق به من ذوي المودة والرأي، فأشار علي بقصد المهلب بن أبي حفرة بالعراق، فقلت له: يمنعني بعد المسافة، ثم أني عدلت عن ذلك المشير إلى استشارة غيره، فلا والله ما زادني عما ذكره لي الصديق الأول، فرأيت أن قبول المشورة خير من مخالفتها، فركبت ناقتي وصحبت رفقة في الطريق وقصدت العراق، فلما وصلت دخلت على المهلب فسلمت عليه وقلت له: أصلح الله الأمير، إني قطعت إليك الهناء وضربت بأكباد الإبل من يثرب، فقد أشار علي ذوو الحجى والرأي بقصدك لقضاء حاجتي، فقال: هل أتيتنا بوسيلة أو قرابة وعشيرة؟ فقلت: لا، ولكني رأيتك أهلا لحاجتي، فإن قمت بها فأنت أهل لذلك، وإن يحل دونها حائل لم أذمهم يومك ولم أيئس عندك، فقال المهلب لحاجبه: اذهب وادفع إليه ما في خزانة مالنا، فأخذني معه فوجد ثمانين ألف درهم فدفعها إلي، فلما رأيت ذلك لم أملك نفسي فرحا وسرورا وأعادني إليه مسرعا فقال: هل وصلك ما يقوم بسد حاجتك؟ فقلت: نعم أيها الأمير وبزيادة، فقال: الحمد لله على نجاح سعيك، واجتنائك جني مشورتك، وتصديق ظن من أشار عليك بقصدنا.
Неизвестная страница