وكذلك أمر البرابي، كبربا إخيم، وبربا سمنود، وبربا دندرا، فإن فيها من الإحكام وجودة الشكل وحسن التصوير، ما يدل على أن عمارها ذوو عقول راجحة، وأنه قد كانت لهم بالحكمة عناية بالغة، لاسيما بصناعة الهندسة والنجوم.
وقال بعض أهل العناية بأخبار الأمم وتواريخهم: كان بمصر بعد الطوفان علماء بضروب الحكمة، من العلوم الرياضية والطبيعية والإلهية، ومتحققون بعل المرايا المحرقة، وبالطلسمات والنيرنجيات وغير ذلك.
والملك بمصر من قديم الزمان بمدينة منف، وهي في غربي النيل، على مسافة اثني عشر ميلا من الفسطاط. ولما بنى الإسكندر مدينة (الإسكندرية) منذ نحو ألف سنة وأربعين سنة، رغب الناس في عمارتها، وكانت دار العلم، ومقر الحكمة، إلى أن تغلب علها المسلمون في خلافة عمر بن الخطاب، رضوان الله عليه، واختط عمرو بن العاص مدينته المعروفة (بالفسطاط) فانسرب أهل مصر وغيرهم من العرب والعجم إلى سكناها، فصارت قاعدة ديار مصر ومركزها إلى وقتنا هذا.
فيقال إن من قدماء أهل العلم بها هرمس الثالث، وكان فيلسوفا جوالا في البلاد، طوافا في المدائن، عالما بنصبتها، وطوالعها وطبائع أهلها، وله تصانيف جليلة مفيدة في فنون من الحكمة.
ومنهم دبوفنطيس صاحب المقالات الموضوعة في علم العدد وخواصه على طريق الجبر والمقابلة.
Страница 29