على مدرج يعتاده الأسد الورد
وما لي إلى الفضل بن يحيى بن خالد
من الجرم ما يخشى على مثله الحقد
فجد بالرضى لا أبتغي منك غيره
ودأبك فيما كنت عودتني بعد
فقال له الفضل: لا أحتمل تفريقك بين رضاي وإحساني وهما مقرونان، فإن أردتهما معا وإلا فدعهما معا، ثم وصله ورضي عنه.
الفضل وإسحاق الموصلي والجارية
حدث إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال: كنت قد ربيت جارية وثقفتها وعلمتها حتى برعت، ثم أهديتها إلى الفضل بن يحيى، فقال لي: يا إسحاق إن رسول صاحب مصر قد ورد إلي يسألني حاجة أقترحها عليه، فدع هذه الجارية عندك فإني سأطلبها وأعلمه أني أريدها، فإنه سوف يحضر إليك ويساومك فيها فلا تأخذ فيها أقل من خمسين ألف دينار. قال إسحاق: فمضيت بالجارية إلى منزلي فجاء إلي رسول صاحب مصر وسألني عن الجارية فأخرجتها إليه، فبذل فيها عشرة آلاف دينار فامتنعت، فصعد إلى عشرين ألف دينار فامتنعت، فصعد إلى ثلاثين ألفا فما ملكت نفسي حتى قلت له: بعتك، وسلمت الجارية إليه وقبضت المال، ثم إنني أتيت من الغد إلى الفضل بن يحيى فقال: يا إسحاق بكم بعت الجارية؟ قلت: بثلاثين ألف دينار، قال: ألم أقل لك لا تأخذ منه أقل من خمسين ألفا؟ قلت: فداك أبي وأمي والله ما ملكت نفسي منذ سمعت لفظة ثلاثين، فتبسم ثم قال: إن رسول صاحب الروم قد سألني أيضا حاجة وسأقترح عليه هذه الجارية وأدله عليك، فخذ جاريتك وانصرف إلى منزلك فإذا ساومك فيها فلا تأخذ منه أقل من خمسين ألف دينار.
فأخذت الجارية وانصرفت إلى منزلي، فأتاني رسول صاحب الروم وساومني في الجارية، فطلبت خمسين ألفا فقال: هذا كثير، ولكن تأخذ مني ثلاثين ألفا، فوالله ما ملكت نفسي منذ سمعت لفظة ثلاثين ألفا حتى قلت له: بعتك، ثم قبضت المال منه وسلمت الجارية إليه، ومضيت من الغد إلى الفضل بن يحيى فقال: ما صنعت؟ وبكم بعت الجارية يا إسحاق؟ قلت: بثلاثين ألفا، فقال: سبحان الله، ما أوصيتك أن لا تأخذ فيها أقل من خمسين ألفا؟ قلت: جعلت فداك والله إني لما سمعت قوله ثلاثين ألفا استرخت جميع أعضائي، فضحك وقال: خذ جاريتك واذهب إلى منزلك ففي غد يجيء إليك رسول صاحب خراسان فقو نفسك ولا تأخذ منه أقل من خمسين ألفا.
قال إسحاق: فأخذت الجارية ومضيت إلى منزلي، فجاءني رسول صاحب خراسان وساومني فيها فطلبت خمسين ألفا فقال لي: هذا كثير، ولكن تأخذ ثلاثين ألفا، فقويت نفسي وامتنعت، فصعد معي إلى أربعين ألف دينار، فكاد عقلي يذهب من الفرح ولم أتمالك أن أقول له بعتك، فأحضر المال وأقبضنيه وسلمت الجارية إليه، ومضيت من الغد إلى الفضل فقال لي: بكم بعت الجارية؟ قلت: بأربعين ألفا، ووالله لما سمعتها منه كاد عقلي يذهب، وقد حصل عندي جعلت فداك مائة ألف دينار ولم يبق لي أمل، فأحسن الله جزاءك، فأمر بالجارية فأخرجت إلي وقال: يا إسحاق خذ جاريتك وانصرف، قال إسحاق: فقلت هذه الجارية والله أعظم الناس بركة، فأعتقتها وتزوجتها فولدت لي أولادي.
Неизвестная страница