Натаидж Фикр Фи Нахв
نتائج الفكر في النحو للسهيلي
Издатель
دار الكتب العلمية
Место издания
بيروت
وقد قدمنا أن الألفاظ مشاكلة للمعاني التي هى أرواحها، يتفرس العاقل فيها
حقيقة المعنى بطبعه وحسه، كما يتعرف الصادق للفراسة صفات الأرواح في الأجساد بنحيزة نفسه.
فحرف " لا ": لام بعدها ألف، يمتد بها الصوت ما لم يقطعه تضييق
النفس، فإذًا امتداد لفظها بامتداد معناها، و" لن " بعكس ذلك، فتأمله فإنه معنى لطيف، وغرض شريف، ألا ترى كيف جاء في القرآن البديع نظمه، الفائق على كل العلوم علمه: (وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا)، بحرف " لا " في الموضع الذي اقترن فيه حرف الشرط بالفعل فصار من صيغ العموم، فانسحب على جميع الأزمنة، وهو قوله ﷿: (إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ) .
كأنه يقول: متى ما زعموا ذلك لوقت من الأوقات أو زمن من الأزمان وقيل لهم: (تَمَنَّوُا الْمَوْتَ) فلا يتمنونه، وحرف الشرط دل على هذا المعنى، وحرف " لا " في الجواب بإزاء صيغة العموم، لاتساع معنى النفي فيها.
وقال في سورة البقرة: (وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ) فقصر من سعة النفي وقرب، لأن
فوله تعالى في النظم: (قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ) .
وليست " إن " ها هنا مع " كان " من صيغ العموم، لأن " كان " ليست بدالة على حدث، وإنما هي داخلة على المبتدأ والخبر عبارة عن مضي في الزمان الذي (كان) فيه ذلك الحدث، فكأنه يقول ﷿ إن كانت (قد) وجبت لكم الدار الآخرة وثبتث (لكم) في علم
1 / 101