الأمر فيها عندي أنها علامات إعراب، وليست حروف إعراب، والمحذوف
منها لا يعود إليها في الإضافة، كما لا يعود المحذوف من " يد " و" دم "، وبرهان ذلك أنك تقول: أخي وأبي إذا أضفت إلى نفسك، كما تقول: يدي ودمي، لأن حركات الإعراب لا تجتمع مع ياء المتكلم، كما لا تجتمع معها واو الجمع، فلو كانت الواو في " أخوك " حرف إعراب لقلت في الإضافة إلى نفسك: هذا أخي، كما تقول:
هؤلاء مسلمي، فتدغم الواو في الياء لأنها حرف إعراب عند سيبويه، وهي عند غيره علامات إعراب، فإذا كانت " واو " الجمع ثبتت مع " ياء " المتكلم وهي زائدة علامة إعراب عند بعض النحويين، فكيف يحذف ما هو " لام " الفعل وأحق بالثبات منها؟
فقد وضح لك أنها ليست الحروف المحذوفة الأصلية.
فإن قيل: فلم كان إعرابها بالحروف دون الحركات؟
ولم أعلت بالحذف دون القلب خلافًا لنظائرها مما علته كعلتها، وهي الأسماء المقصورة؟
قلنا: في ذلك جواب فلسفي لطيف، وهو أن اللفظ جسد والمعنى روح، فهو تبع له في صحته واعتلاله، والزيادة فيه والنقصان منه، كما أن الجسد مع الروح كذلك، فجميع ما يعتري اللفظ من زيادة فيه أو حذف، فإنما هو بحسب ما يكون في المعنى، اللهم إلا أن يكثر استعمال كلمة فيحذف منها تخفيفا على اللسان لكثرة
1 / 77