وأيضا فإن الشافعي الذي يخالفنا في تحديده بقلتين، مذهبنا أولى من مذهبه، لأن القلة اسم مشترك بين أسماء (1) مختلفة، كقلة الجبل، والجرة، ويستعمل أيضا في ذروة كل شئ وأعلاه، وفي غير ذلك. والكر يتناول شيئا واحدا فإن اختلفت مقاديره في البلدان وعادات أهلها فالتحديد به أولى.
فإن قيل قد روى الشافعي ما يزيل الاحتمال في ذلك، وهو قوله: بقلال هجر (2) (3).
قلنا: قد ذكر أهل العلم أن التحديد بقلال هجر من جهة الراوي (4)، وأنه ليس من لفظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أن الاشتراك باق مع هذا اللفظ لأن قلال هجر اسم مبهم يحتمل سائر ما تقدم ذكره.
فأما الكر وإن كان مختلفا في مقاديره (5)، فليس يختلف ما يقع عليه هذا الاسم كاختلاف ما يقع عليه اسم القلة ويجري الكر في ما يتناوله مجرى قولنا: " رجل " في أنه يقع على أمر (6) واحد غير مختلف في حقيقته وإن اختلف الرجال في الطول، والقصر والعلم، والجهل، والأوصاف المختلفة ويجري اسم القلة مجرى قولنا:
" شئ " في اختلاف ما يتناوله على أننا نتمكن من استعمال خبر القلتين ونحمله على الجرتين الكبيرتين اللتين .
Страница 71