[أقسام النسخ]
ومن الناسخ والمنسوخ فاعلموه ما كان يزاد به في الفرض تكليفا، أو ينقص به منه رحمة من الله فيه وتخفيفا، وفي ذلك كله، بمن الله وفضله، من البركة والرفق، ومن الرحمة بحسن السياسة والتدبير للخلق، ما لا يستتر ولا يخفى، إلا على من جهل وجفا، كالوصية التي أمر بها من ترك خيرا عند الموت للوالدين والأقربين بالمعروف، ثم زيد فيما أمر به من ذلك ما هو أكثر التوارث بحد مسمى موصوف، من سدس وثلث وربع، في مفترق من المواريث ومجتمع، كرجل ترك ابنه وأبويه، فلكل واحد من الأبوين السدس لا يزاد عليه، فإن تركهما وزوجة، كان لها الربع فريضة، وللأم ثلث ما يبقى وهو الربع من جميع المال، وكذلك ما سمى من مواريث الأقربين في مختلفات الأحوال.
وكما أمر به من صلاة ركعتين في الحضر والسفر، ثم زيد في فرضها فجعلت أربعا في الحضر، وكقوله في التخفيف، والوضع لرحمته من التكليف، : { الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا } [الأنفال: 66]. فنقص ووضع من ذلك عنهم فرضا كان موظفا، وأشياء كثيرة لما تسمع وترى، في أمور جمة لا يحصيها كتابنا أخرى.
فهذه وجوه من الزيادة والتخفيف في الفرض، لا يشك من يعقل في أن بعضها من بعض، ليس في شيء منها اختلاف ولا تناقض ولا بداء، كما زعم من كان في كتاب الله وأحكامه ملحدا، بل كلها بمن الله مؤتلف متقن، وجميعها فمصدق بعضه لبعض محقق، ليس فيها - والحمد لله - لأحد مقال، يلحد به فيه إلا مفتر بطال.
Страница 41