158

إلى عبادي شعثا غبرا ، جاؤوني من كل فج عميق ، يرجون مغفرتي ، فقد غفرت لهم جميعا ، أفيضوا عبادي ، كلكم مغفور لكم ، مشفعون فيمن شفعتم ، ولو كانت ذنوبهم مثل أيام الدنيا ، أو زنة الجبال أو عدد الرمال ، غفرتها لكم» (52) . وقال صلى الله تعالى عليه وسلم : «إن آدم سأل ربه ، فقال : يا رب ، من حج البيت من ذريتي أسألك أن تلحقه بي في الجنة ، فقال الله تعالى : يا آدم ، من مات في الحرم من ذريتك وهو لا يشرك بي شيئا ، بعثته آمنا يوم القيامة» (53).

هذا ما رأيت أن أذكره من الأحاديث الواردة في فضله ، وأما ذكر حدودها وصفتها ، وما جاء في محصلها وابتداء توجه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إليها ، فذلك يستدعي مجلدات لا يحتمله هذا المختصر.

قلت : ومن شرف هذا البيت أن الله تعالى فرض التوجه إليه على جميع الخلق من أهل الغرب والشرق ، وشرع لهم حجه ، وجعله أحد أركان الإسلام ، وأعطاهم بذلك الشرف والإكرام ، وجعل فيه سرا جالبا لقلوب العباد ، وألقى له شوقا ومحبة في كل فؤاد ؛ فترى الخلائق يسعون إليه رجالا وركبانا (54) من جميع الأقطار ، وأشواق القلوب تتزايد ، ودمع العيون مدرار ، لا يستبعده بعيد الأوطان ، ولا يعوقه عنه الأهل والولدان ، بل كلما خطر بقلبه البعد ومشقة الارتحال أنشد لسان شوقه ، وقال : [الطويل]

بعيد على الكسلان أو ذي ملالة

فأما على المشتاق غير بعيد

Страница 170